الدكرورى يكتب عن أم حكيم بنت الحارث المخزومية “جزء2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أم حكيم بنت الحارث المخزومية “جزء2”
ونكمل الجزء الثانى مع أم حكيم بنت الحارث المخزومية، وشعرت أم حكيم بحلاوة الإيمان تملأ كيانها فتمنت أن يذوق حلاوة الإيمان ولذتها احب الناس إليها، واقربهم إلى نفسها زوجها عكرمة بن أبي جهل، وقادتها حكمتها وعقلها إلى الذهاب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم تطلب الامان لزوجها إذا عاد مسلما، وغمرت السعادة قلبها وهي تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصفح عنه ويأمنه على نفسه، واندفعت ام حكيم مسرعه تتبع زوجها الهارب لعلها تدركه قبل أن يركب البحر وعانت من وحشه الطريق وقله الزاد ولكنها لم تيأس ولم تضعف فالغاية عظيمه يهون من اجلها الكثير الكثير وشاءت قدره الله تعالى لها ان تدرك زوجها في ساحل من سواحل تهامة وقد كاد يركب البحر، فجعلت تناديه قائله يابن عم، جئتك من اوصل الناس وابر الناس وخير الناس.
فلا تهلك نفسك وقد استامنت لك منه فأمنك، فقال لها عكرمة أوقد فعلت ذلك؟ قالت نعم، ثم اخذت تحدثه عن شخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف دخل مكة وكسر اصنامها وكيف عفا عن الناس بقلبه الكبير ونفسه المنفتحه لكل إنسان، وهكذا نجحت ام حكيم بزرع البذور الطيبة في نفس زوجها وعادت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلن إسلامه بين يديه وليجدد بهذا الإسلام شبابا كاد ان يضيع في ظلمات الجهل والوثنية، وفتح رسول الله ذارعيه ليحتوي الشاب العائد بكلية ليعلن ولاءه لله ولرسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعكرم
“لا تسألني اليوم شيئا أعطيته أحدا إلا أعطيته لك ” فقال عكرمة وقد أشرق نور الإسلام من وجهه فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها، أو مسير وضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء داعيا ربه بدعاء كله عفو وجود وكرم وصفح ” اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه يريد بذلك المسير إطفاء نورك، فاغفر له ما نال مني من عرض، في وجهي أو وأنا غائب عنه ” فقال عكرمة وقد رأى الكرم الذي لا نظير له، وشهد العفو الذي لا حد له رضيت يا رسول الله.
والله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالا كنت أقاتل فى صد عن سبيل الله، إلا أبليت ضعفه فى سبيل الله، وبعد أن أسلم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأته له بذلك النكاح الأول، وما كاد عكرمه ينهل من نبع العقيدة الإسلامية حتى فجرت في نفسه ايمانا صادقا وحبا خالصا دفعه إلى ارض المعركة ومن ورائه من بنيه كل قادر على حمل السلاح، وعلى ارض المعركة بايع عكرمه اصاحبه على الموت في سبيل الله وصدق الله فصدقه وحاز على وسام الشهادة في سبيل الله.
ولم تجزع ام حكيم المرأة المؤمنه الصابره وقد استشهد في المعركة اخوها وابوها وزوجها وكيف تجزع؟ وهي تتمني لنفسها ان تفوز بالشهادة مثلهم والشهادة اسمى وانبل ما يتمانه المؤمن الصادق، وبعد فترة من الزمن على استشهاد زوجها خطبها قائد المسلمين الأموي خالد بن سعيد فلما كانت وقعه مرج الصفر اراد خالد ان يدخل بها فقالت له ام حكيم لو تأخرت حتى يهزم الله هذه الجموع، فقال ان نفسي تحدثني اني اقتل، قالت له فدونك، فأعرس بها عند قنطره عرفت فيما بعد بقنطره ام حكيم، ثم أصبح فأولموا فلما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم.
واندفع العريس القائد إلى قلب المعركة يقاتل حتى استشهد فشدت ام حكيم عليها ثيابها وقامت تضرب الروم بعمود الخيمة التي اعرست فيها فقتلت من اعداء الله يومئذ سبعه منهم، فيا له من عرس، وياله من صباحية للعرس، وهكذا المؤمنات المجاهدات الصابرات عرسهن في الميدان وصباحهم جهاد وقتال، ولا غرو في ذلك فأم حكيم هي ابنه اخت سيف الله المسلول خالد بن الوليد، فرحم الله ام حكيم المراه المؤمنه صانعه الابطال وفية مخلصة انقذت زوجها من الضلال والكفر إلى نور الإسلام وقاتلت بنفسها اعداء الله فجزاها الله عن دينها خير الجزاء، وبعد وفاة زوجها خالد بن سعيد تزوجت من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وانجبت له فاطمة بنت عمر وتوفيت في نفاسها فهي الشهيدة زوجة الشهداء.