عبدالحى عطوان يكتب :- ذكرياتنا مع 30 يونيو من الخلافة المزعومة لتمرد لإنقاذ وطن
بقلم \ عبدالحى عطوان
اليوم سرحت بذاكرتي للأيام الأولى، عندما كنا نخرج في الخفاء خلسة، خوفاً من بطش الإخوان والجماعات الإسلامية، التي كانت تملأ شوارعنا بشكلهم وزيهم المميز ،كنا نتقابل معاً في شكل مجموعات قليلة لا تتخطى أصابع اليد نحكى عن مصير تلك البلد وما آلت إليه
أوقات كثيرة نسترجع التاريخ ونتذكر كيف أنتصرت على كل الطغاة، فيدب فينا الأمل ونحلم بيوم قادم لا محال ستتحرر ونرى النور يشق شوارعها ويضئ عتمة الظلام عقولاً وسلوكاً ،برغم عندما كنا نشاهد مشاهد العنف للإخوان وبطشهم وخطابهم بالتليفزيون يتسرب اليأس إلى نفوسنا ويزداد الإحساس بأنه أصبح من المستحيل التخلص منهم لآلاف السنين ،
بدأنا أولى خطوات تمرد، ووضعنا أرواحنا على أعناقنا ، كنا نجمع التوقيعات من داخل المنازل ومن الحوارى ، والأزقة في القرى والكفور والنجوع خلسه وفى جنح الظلام، نتحسس القادم من بعيد ، نراقب خطوات المارة نلوذ بالفرار كلما لمحناهم يدنوا منا ، أو شاهدنا قرب خطواتهم والغريب اليوم أن من يتصدرون المشهد لم يكونوا معنا وقتها فلم نراهم بل لاذوا بالفرار و راهنوا على فشلنا ،
ليلة العشاء من 27 يونيو ووقت الخطاب الشهير لمندوب مكتب الإرشاد برئاسة الجمهورية قرأت في نظرات ذلك القائد الجالس فى الصف الأول، وهو يضع نظارته فوق عينيه ، ويديه على خده ، مستغرباً لكلمات خطاب الرئيس قرب مشهد النهاية وأنه قد أتخذ القرار ،وأن غداً الصدام قادم لا محال
ظللنا طوال ثلاثة أيام وهى من أطول أيام عمرنا ،نخرج يومياً نجوب الشوارع ، نقطع الطرقات وخطوط السكك الحديدية، نهتف لمصر العزيزة نرفع الإعلام نشجع الناس على الخروج والهتافات نصرخ ننادى ندفع بالإنتماء فى صدور الكل ،نترقب اللحظة الحاسمة ،وننتهى بالمقر أمام مقهى البسفور الذى شيده العمد أولاد فؤاد عباس مجمعين معهم كل أولاد الاصول والوطنيين أملاً فى نجاة مصر
وفى اليوم الموعود بعد انتهاء المدة التى تم تحديدها لتصحيح الأوضاع والتصالح بين الإخوان والشعب ومراعاة قيم الدولة الوطنيه وفى السادسة مساءاً امتلأت الميدان بالمواطنين ككل ميادين مصر ،الجميع يتوجس أنفاسه منتظراً البيان كانت أعصابنا متوترة وأطرافنا ترتعش فقد تأخر البيان نصف ساعة بدأ اليأس يتسرب لبعضنا ، والبعض يؤكد حتمية النهاية هكذا كانت أحاديثنا، لحظتها طلبنا من مراسلي بعض القنوات التغطية خافوا وجبنوا ولاذوا بالفرار ، وبينما أعيننا معلقة بالشاشات إذا به يخرج علينا بذيه العسكري، فى مشهد عبقرى محتشداً بأطياف مصر فهذا شيخ الأزهر وهذا بابا الكنيسة، وهذا رئيس المحكمة الدستورية ،وهذا قائد الجيش ، وهذا رجل الشرطة الأول ، وهذا حزب النور وهؤلاء قادة تمرد ليتلوا البيان بعزل عضو مكتب الإرشاد وإنهاء عصر الخلافة المزعومة ،
كانت لحظه تاريخية فارقة أغرقت الأعين بالدموع رفرفت الإعلام وأرتفعت أصوات الزغاريد ودوت طلقات الرصاص وأنطلقت التكبيرات لتحرير المحروسة بعد الاختطاف ،
وفى النهاية تبقي ذكريات ثورة 30 يونيو حافلة عالقة باذهاننا فهى انتصار مصر الذى سطر بأرواحنا والذى لم يتحقق منذ عام ١٩٢٨ نشأة الجماعة وتفحلهم فهى بأختصار ثورة شعب لإنقاذ وطن وفروسية قائد بقرار وضع فيه روحة على كفه لإنقاذ المصريين ، ومنذ ذلك اليوم ومعاركنا معهم لم تنتهى فيومياً يداً ضد الإرهاب والشائعات وحرب المخابرات الخفية وتحالف قوى الشر، واليد الأخرى تبنى وتعمر ، وتقيم مشاريع قومية فى كافة المجالات ومهما كانت ازماتنا فنحن نحيا بفضل القيادة الوطنيه والجيش العظيم فى وطن أمن سالم لم يتعرض لمجاعة أو حرب أهلية أو تقسيم
دومت وطني عزيزاً منتصراً
حفظ ألله مصر شعباً وجيشاً ونيلاً