عبدالحى عطوان يكتب: أمرأة أدمنت الإنتظار !!
قالت وهى تناجى ظلمات الليل انتظرك مهما طال الإنتظار ، فانت الرجل الوحيد الذى أمتلكنى منذ صغرى، فعشقت فيه نفسي، أحلم بلحظة قدومك، مهما استنفذت نسب الغياب، فلم أنسي يوماً بريق عينيك ولا شوق انفاسك ،ولا دفء احضانك، فلو أننى كنت أعرف وحشة البعد لإحتجزتك للأبد بجوارى، فقد أحببتك مهما كنت من منحرفي المزاج تعشق السفر والترحال، فاليوم معك عمراً بل عمراً لا يقاس، كم من ليال سهرتها حتى الفجر حتى شروق الشمس أرقب كل النوافذ، أتابع حركة الأجرام ،أحلم بعودة المهاجر الذى قطعت عنا كل أخباره ،
كم هو قاس ذلك الفراغ الحنينى الذى يجعل الأشياء نائية غريبة،كم هو قاس ذلك الشعور الذى ضاق بصدرى وجعل من أوهامى وهلاوسي كابوساً يطاردنى ليل نهار، كفاك غربة وعد لوطنك لديارك لقلب عشقك، فما عدت أقدر على الإحتمال فقد خارت قواى وتحولت أيامى إلى كآبه طاغية فقد صرت أمراة فاقدة للهوية، إنهارت من تحت أقدامها كل الأشياء، تحييها فقط اللحظات التى عشت احتفظ بها داخل قلبي، عد فما عادت للحياة طعم بدونك، افتقدت معك كل شئ، دفء حضنك، رائحة عطرك، فرجوعك أو الإنتحار
أغمضت عينيها بعدما أعياها سهر السنين، سرحت للوراء بعيداً فقد أضناها الشوق وما عادت تعرف للأيام طعماً ولا أى زمن تعيش ، تذكرت حينما بدأ يجمع أغراضه ويحدثها عن حلمه فى بلاد عبر البحار، وكيف ضاق به الرزق فى أرضه ولابد من الترحال، دوت لحظتها بكلمات هستيرية حزينه، تداخلت فيها الجمل، ما بين عودة المهاجرين عبر الأكفان، وما بين من يبتلعهم البحر ولا يعيدهم لذويهم حتى جثثاً ،صرخت وهى تتملك عنقه ،أبيع كل ما أملك حتى لا تغادر ، طارت على مطبخها أحضرت مقصاً قصت أطراف شعرها المسدل على أكتافها ألقته تحت إقدامه، جثت بجسدها أخذت تقبلهم تستحلفه إلا يسافر ويتركها وحيدة خلف تلك الجدران، فما حياة بدونه، لكنه كان متخذاً القرار فقد عزم على الرحيل والفرار فقد ضاقت به أرضه ولم يعد بها رزقه، حتى أحس بالأختناق فقد كان الفرار ،
تذكرت عندما أقترب من ذلك الباب لينوى المغادرة، نظرت إليه طويلاً بعدما أغرقت الدموع وجنتيها أغرقت الدموع وجنتيها،ذكرته بكل شئ،عشقهم و حلمهم ووعوده، طالت تعانقه تقبله، وكأن قلبها يحدثها بأن تشبع منه فهى آخر الأحضان ،
سافر حالماً بالمصير عبر حدود وأرض غريبه ، يحكمها مجموعة من مرتزقى الهجرة ومحترفى سمسرة بيع البشر بالإنفار ،أخذوه هو وغيره سقعوه فى أحد الضواحى الليبيه بعدما أخذوا منه تحويشه عمره ، وعندما أكتمل العدد وأقترب الميعاد هربوه من يد إلى أخرى وكأن تجارة الرقيق عادت من جديد ، أبحروا بمركب بعيداً عن الشواطئ الليبيه وفى منتصف البحر دوت صفارات الإغاثه وما من مجيب فقد كانت الرياح عاتيه والأمواج شديدة لحظات لم تطول صارع كل منهم الامواج ليبعد عن شبح الموت حتى أبتلع البحر الجميع،
بأختصار والعهدة على الراوى ضاقت به أرضه وماعاد بها رزقه فباع كل ما يملك وسافر حالماً عبر هجرة غير شرعية أشبه ببيع الرجال ليموت بالبحر ولا يعود حتى كفناً ليدفن بأرضه، وهى ما زالت تراقب النوافذ تفحص الطريق تقارن الوجوه، تحلم بعودة المسافر، لا تصدق طول غيابه،أو خبر وفاته، فقد أدمنت الإنتظار