الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 2”

ونكمل الجزء الثاني مع الرسول في غزوة حمراء الأسد، حيث قال الله تعالى فى كتابة العزيز “اذن للذين يقاتلون بأانهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير” وقد كانت الهزيمةَ التي لحقت بالمسلمين في معركة أحد، قد جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبات وهو يفكر في ذلك الموقف الذي تعرّض له المسلمون في معركة أحد، وخاف من أن يفكر المشركون في أنهم لم يستفيدوا فعلا من النصر والغلبة في معركة أحد ولم يحققوا مكاسب ملموسة، فخاف أن يرجعوا لغزو المدينة مرة ثانية، فصمم صلى الله عليه وسلم، أن يقوم بمطاردة جيش المشركين، وهكذا كانت غزوة حمراء الأسد جزء من غزوة أحد، وصفحة من صفحاتها الهامة، وكان عندما أمر صلى الله عليه وسلم، بلال أن ينادي في الناس بضرورة التعجيل للخروج للجهاد.

ولم يكن الأمر عاما لجميع المؤمنين، بل كان مقصورا على أولئك الذين شهدوا معركة أحد بالأمس، وما كاد بلال رضي الله عنه، يؤذن في الناس بالخروج للجهاد مرة أخرى، حتى تجمع أولئك الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالأمس، وقد أصابهم القرح، وأنهكتهم الجروح والآلام، ولم يسترح أحد منهم بعد، ومع ذلك انطلقوا جميعا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطلبون المشركين، طلبا للنصر أو الشهادة في سبيل الله، وقد قال ابن إسحاق ” كان أحد يوم السبت للنصف من شوال، فلما كان الغد يوم الأحد سادس عشر من شوال، أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الناس بطلب العدو، وأن لا يخرج معنا إلا من حضر بالأمس، فاستأذنه جابر بن عبد الله في الخروج معه فأذن له، وإنما خرج مرهبا للعدو.

وليظنوا أن الذي أصابهم لم يوهنهم عن طلب عدوهم ” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قول الحق سبحانه وتعالى من سورة آل عمران “الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما بعد ما اصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم” وقالت لعروة بن الزبير، يا ابن أختى، كان أبوك منهم الزبير وأبو بكر، ولمّا أَصاب النبى صلى الله عليه وسلم، ما أَصاب يوم أحد، فانصرف عنه المشركون خاف أَن يرجعوا، فقال صلى الله عليه وسلم “من يذهب في إِثرهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلا، قالت، كان فيهم أبو بكر والزبير” رواه البخاري، وفي رواية أخرى قال عُروة بن الزبير بن العوام، قالت لي السيدة عائشة رضى الله عنها” أبوك والله من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القَرح” ومعنى القرح هو الجرح.

وهذا رجل من بني عبد الأشهل يصور حرص الصحابة الكرام على الخروج للجهاد فيقول ” شهدت أحدا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالخروج في طلب العدو قلت لأخي وقال لي، أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله مالنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أيسر جرحا منه، فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة، ومعنى عقبة أى نوبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون” وقد سار النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون معه حتى بلغوا حمراء الأسد، على بعد ثمانية أميال من المدينة، فعسكروا هناك، وأقام فيها ثلاثة أيام، فلم يتشجع المشركون على لقائه، وكان صلى الله عليه وسلم، قد أمر بإشعال النيران.

فكانوا يشعلون في وقت واحد خمسمائة نار، وذلك من قبيل الحرب النفسية على العدو، وهناك أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يلحق أبا سفيان فيخذله، ولم يكن أبو سفيان يعلم بإسلامه، فأدركه بالروحاء على بعد ستة وثلاثين ميلا من المدينة فخذله، ونصحه بالعودة إلى مكة على عجل، فثنى ذلك أبو سفيان ومن معه، غير أن أبا سفيان حاول أن يغطي انسحابه هذا بشن حرب نفسية دعائية ضد الجيش الإسلامي، لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة ، فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، فقال هل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبا بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة؟ قالوا، نعم، قال، فأبلغوا محمدا أنا قد أجمعنا الكرّة، أى الرجعة مرة أخري.