الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع الرسول في غزوة حمراء الأسد، وكانت خزاعة سلما للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا محمد، لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت بغيرك، ثم مضى معبد حتى يجد أبا سفيان وقريشا بالروحاء، وهم يقولون لا محمدا أصبتم ولا الكواعب أردفتم فبئس ما صنعتم فهم مجمعون على الرجوع ويقول قائلهم فيما بينهم ما صنعنا شيئا، أصبنا أشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم قبل أن يكون لهم وفر، وكان المتكلم بهذا هو عكرمة بن أبي جهل، فلما جاء معبد إلى أبي سفيان قال هذا معبد وعنده الخبر، ما وراءك يا معبد ؟ فقال تركت محمدا وأصحابه خلفي يتحرقون عليكم بمثل النيران وقد أجمع معه من تخلف عنه بالأمس من الأوس والخزرج.
وتعاهدوا ألا يرجعوا حتى يلحقوكم فيثأروا منكم وغضبوا لقومهم غضبا شديدا ولمن أصبتم من أشرافهم، قالوا ويلك ما تقول؟ قال والله ما نرى أن نرتحل حتى نرى نواصي الخيل” ثم قال معبد لقد حملني ما رأيت منهم أن قلت أبياتا، كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تعدو بأسد كرام لا تنابلةعند اللقاء ولا ميل معازيل، فقلت ويل ابن حرب من لقائهم إذا تغطمطت البطحاء بالجيل، وكان مما رد الله تعالى, أبا سفيان وأصحابه كلام صفوان بن أمية قبل أن يطلع معبد وهو يقول يا قوم لا تفعلوا فإن القوم قد حزنوا وأخشى أن يجمعوا عليكم من تخلف من الخزرج، فارجعوا والدولة لكم فإني لاآمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أرشدهم صفوان وما كان برشيد والذي نفسي بيده لقد سومت لهم الحجارة ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب ”
فانصرف القوم سراعا خائفين من الطلب لهم، وحينئذ انهارت عزائم الجيش المكي وأخذه الفزع والرعب، فلم ير العافية إلا في مواصلة الانسحاب والرجوع إلى مكة، ولكن أبا سفيان قام بحرب أعصاب دعائية ضد الجيش الإسلامي، لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة، فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، وخملهم رسالة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم بحمراء الأسد، فأخبرهم بالذي قال له أبو سفيان، وفى هذه الغزوة قتل أبي عزة الجمحي وهو الذي كان أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان أسيرا يوم بدر بغير فداء رحمة ببناته ولفقره، واشترط عليه ألا يقف ضد المسلمين، فلم يحترم الرجل العهد، وقاتل مع المشركين في أحد.
فلما وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم رجاه أن يُعفو عنه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله، وقتل أيضا معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، وهو معاوية بن المغيرة بن أبي العاص جد عبد الملك بن مروان لأمه، وذلك أنه لما رجع المشركون يوم أحد جاء معاوية هذا إلى ابن عمه عثمان بن عفان رضي الله عنه فاستأمن له عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنه على أنه إن وجد بعد ثلاث قتله، فلما خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيها أكثر من ثلاث يتجسس لحساب قريش، فلما رجع الجيش خرج معاوية هاربا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعمار بن ياسر، فتعقباه حتى قتلاه، وكان كل ذلك يؤكد لنا أن ما حصل لقريش فى غزوة أحد لم يكن أكثر من أنهم وجدوا فرصة نجحوا فيها.
بإلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين، مع الفشل فيما كانوا يهدفون إليه من إبادة الجيش الإسلامي بعد عمل التطويق، بل يؤكد لنا تعجيل أبي سفيان في الانسحاب والانصراف أنه كان يخاف على جيشه المعرة والهزيمة لو جرت صفحة ثالثة من القتال، ويزداد ذلك تأكدا حين ننظر إلى موقف أبي سفيان من غزوة حمراء الأسد، وكان فى النهاية هو انتصار المسلمين فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منتصرا.