الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 2”
ونكمل الجزء الثاني مع الرسول في غزوة ذى قرد، وعيينة بن حصن الفزارى قيل إنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم من غير إذن، فقال له صلى الله عليه وسلم “أين الإذن؟” فقال ما استأذنت على أحد من مضر، وكان ممن ارتد وتبع طليحة الأسدي، وقاتل معه، فأخذوه أسيرا، وحملوه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان صبيان المدينة المنورة يقولون يا عدو الله أكفرت بعد إيمانك فيقول ما آمنت بالله طرفة عين، فطلب العفو والصفح من أبي بكر فأسلم بعدها، فأطلقه أبو بكر، وكان عيينة في الجاهلية من الجرارين، يقود عشرة آلاف، وقيل أنه تزوج عثمان بن عفان من ابنته، فدخل عليه يوما، فأغلظ له، فقال عثمان، لو كان عمر بن الخطاب ما أقدمت عليه بهذا، فقال إن عمر أعطانا فأغنانا وأخشانا فأتقانا.
وقال أبو وائل، سمعت عيينة بن حصن يقول لعبد الله بن مسعود، أنا ابن الأشياخ الشمّ فقال عبد الله ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وعيينة بن حصن هو عم الحر بن قيس الفزاري، وكان الحر رجلا صالحا من أهل القرآن له منزلة من عمر بن الخطاب فقال عيينة لابن أخيه، ألا تدخلني على هذا الرجل قال إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي فقال لا أفعل، فأدخله على عمر، فقال يابن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل، فغضب عمر غضبا شديدا، حتى هم أن يوقع به، فقال ابن أخيه يا أمير المؤمنين، إن الله يقول في كتابه العزيز “خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين” وإن هذا لمن الجاهلين، فخلى عنه، وكان عمر وقافا عند كتاب الله عز وجل.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا، وعنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري، فقال رسول الله أنا أفرس بالخيل منك، فقال عيينة، وأنا أفرس بالرجال منك وقال عيينة لعمر بن الخطاب، ياأمير المؤمنين، احترس، أو أخرج العجم من المدينة، فإني لا آمن أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع، ووضع يده في الموضع الذي طعنه أبو لؤلؤة به فيما بعد، فلما طعن عمر، قال مافعل عيينة؟ قالوا بموضع الهجم أو بالحاجر فقال عمر إن هناك لرأيا، وقيل أن حصن بن حذيفة والد عيينة أوصى ولده عند موته، وكانوا عشرة أولاد، وكان سبب موته أن كرز بن عامر العقيلي طعنه، فاشتد مرضه، فقال لهم الموت أريح مما أنا فيه، فأيكم يطيعني فقالوا كلنا، فبدأ بالأكبر، فقال خذ سيفي هذا فضعه على صدري.
ثم اتكئ عليه حتى يخرج من ظهري، فقال يا أبتاه، هل يقتل الرجل أباه، فعرض ذلك عليهم واحدا واحدا، فرفضوا إلا عيينة، فقال له يا أبت، أليس لك فيما تأمرني به راحة وهوى، ولك فيه مني طاعة؟ قال بلى، قال فمرني كيف أصنع؟ قال ألق السيف يا بني فإني أردت أن أبلوكم فأعرف أطوعكم لي في حياتي، فهو أطوع لي بعد موتي، فاذهب، فأنت سيد ولدي من بعدي، ولك رياستي، فجمع بني بدر فأعلمهم ذلك، فقام عيينة بالرياسة بعد أبيه، وقتل كرز بن عامر العقيلي واخذ بثأر أبيه، وهكذا كان سباب غزوة ذي قرد وهى من الغزوات التأديبية التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم، بنفسه ضد القبائل العربية المعادية للإسلام والمسلمين، فكانت هذه المرة ضد قبيلة غطفان وزعيمها عيينة بن حصن الفزاري.
الذي أغار على نوق وإبل للرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت ترعى في موضع يقال له الغابة مع أربعين فارسا كانوا معه، فقتلوا وأسروا من كان مع الإبل من الصحابة، وتعد غزوة ذي قرد واحدة من أكبر الغزوات التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وذلك لتأديب القبائل العربية التي تمادت في عداء الإسلام والمسلمين بإثارة الغضائن أو الإسهام في حشد الجيوش لشن الهجمات على المدينة المنورة تارة أو بالاعتداء على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، كما حدث في فجيعة الرجيع والتي نتج عنها غزوة بني لحيان أو لتأديب من اعتدى على أملاك المسلمين كالذي بدر من قبيلة غطفان بقيادة عيينة الفزاري وإغارتهم على إبل النبي صلى الله عليه وسلم، في مرعاها، فنتج عنها غزوة الغابة أو ذي قرد.