الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة الغائب ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثاني مع مشروعية صلاة الغائب، وقال ابن القيم في زاد المعاد وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “أن الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصلى عليه فيه، صلي عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، على النجاشي لأنه مات بين الكفار ولم يُصلى عليه، وإن صلي عليه حيث مات لم يصلى عليه صلاة الغائب، لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه، وهذا القول رواية عن الامام أحمد، ويؤيد هذا أيضا أنه قد مات في عهد الخلفاء الراشدين كثير ممن كانت لهم أياد على المسلمين ولم يُصلى صلاة الغائب على أحد منهم، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم الدليل على مشروعيتها، وأما عن شرطها، وقد اشترط جمهور الحنابلة والشافعية على أن لا تكون في نفس البلد، وأما عن كيفيتها كصلاة الميت أو الجنازة الحاضر.
ومن المعلوم أن المقاصد الشرعية من الصلاة على الغائب هي الدعاء والاستغفار له كما روى أبو هريرة قال نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، النجاشي لأصحابه، ثم قال استغفروا له، رواه أحمد، وقال ابن القيم في زاد المعاد، ومقصود الصلاة على الجنازة هو الدعاء للميت، وصلاة الجنازة مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، هى أربع تكبيرات وإما عن التكبيرة الأولى فيكبر الإمام أو المصلى ثم يقرأ الفاتحة، وهى فاتحة الكتاب، وأما عن التكبيرة الثانية فهى يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهى الصلاة الإبراهيميه، كما جاء فى النصف الثانى من التشهد، وهو اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم.
وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، فى العالمين إنك حميد مجيد، وأما عن التكبيرة الثالثة فهى يكبر الثالثة، ويدعى للميت كما يريد، الشخص أو كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ثم يدعو له، إن كان رجلا يقل اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وإن كان عنده زوجة وزوجا خيرا من زوجه، اللهم أدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار.
وافسح له في قبره، ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله، والمرأة كذلك لكن يقول اللهم اغفر لها وارحمها، وإن كانوا جماعة قال اللهم اغفر لهم وارحمهم، وأما عن التكبيرة الرابعة وهى يكبر التكبيرة الرابعة ثم يقول ” اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر اللهم لنا وله” وينهي صلاته بالتسليم، ويسلم عن يمينه، والتسليم على الجنازة تسليمة واحدة، وهوعن ستة من أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم، وقد روي تسليمة واحدة عن علي، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وابن أبي أوفى، وواثلة بن الأسقع، وبه قال سعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، وأبو أمامة بن سهل.
والقاسم بن محمد، والحارث، وإبراهيم النخعي، والثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق، وقال ابن المبارك من سلم على الجنازة تسليمتين فهو جاهل جاهل، واختار القاضي أن المستحب تسليمتان، وتسليمة واحدة تجزئ، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، قياسا على سائر الصلوات، ولنا، ما روى عطاء بن السائب وهو ” أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة ” رواه الجوزجاني بإسناده، وأنه قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا، وقال أحمد ليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم، والصيغة المستحبة لهذا التسليم هي السلام عليكم ورحمة الله على جهة اليمين، ويجزئ قول السلام عليكم فقط، والله تعالى أعلى وأعلم.