الدكرورى يكتب عن يا ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر؟
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر؟
وقفه مع نبى الله موسى عليه السلام فهو أحد أنبياء الله تعالى الذين أرسلهم الله تعالي إلى بني إسرائيل، وقد جاء موسى عليه السلام كغيره من الأنبياء بالعديد من المعجزات التي تظهر صدق نبوته، وقد أرسل من عند الله عز وجل لهداية الناس وإرشادهم إلى عبادة الله وحده، وإفراده بالوحدانية والعبودية، ومن المعجزات التي جاء بها نبي الله موسى عليه السلام هى عصاه التي كان يرعى بها غنمه حين أرسل إليه، حيث إن الله سبحانه وتعالى أفرد تلك العصا بمزايا جعلتها معجزة بحد ذاتها، ناهيك عن أن نبي الله موسى عليه السلام كان يستخدمها في عدد من الأمور في رعيه واسترشاده في الطريق وغير ذلك، فقد أشار موسى عليه السلام في الآية أنه كان يستخدم تلك العصا في عدة أمور، فجعلها الله سبحانه وتعالى بقدرته معجزة.
تتحول إلى أفعى حين يلقيها موسى من يده، وأما امرأة موسى التي زوجها له الرجل الصالح شعيب عليه السلام على أن يرعى غنمه مدة من الزمن فكان اسمها هو صفورا بنت شعيب، وولد رسول الله موسى عليه السلام في مصر في زمن الفراعنة، وكانت فترة ولادته بعد ولادة نبي الله إبراهيم عليه السلام بأربعمائة وخمس وعشرين سنة وقد كانت ولادته في فترة قتل فرعون لمن يُولد من أبناء بني إسرائيل الذكور خوفا على ملكه فقد رأى في تلك الفترة رؤيا فسرها له الكهنة بأن غلاما سيولد من بني إسرائيل سينتزع منه ملكه، وكان فرعون، خوفا من هلاك نسل بني إسرائيل جميعهم، يجري القتل فيهم سنة ويتركهم أخرى، فجاء هارون أخو موسى في السنة التي كان فيها فرعون يترك أبناء بني إسرائيل دون ذبح.
وجاء موسى في السنة التي فيها ذبح للذكور، وحينها ألهم الله أم موسى أن ترضعه بنفسها ثم تصنع تابوتا وتضعه فيه وترميه في النيل، ففعلت ذلك، فأوصل النيل موسى إلى قصر فرعون بأمر الله، فوقع في يد زوجته وكانت عاقرا فطلبت منه أن يجعله ابنا لهم ولا يقتله، فأطاعها فرعون في ذلك، ومكث موسى في قصر فرعون، ونشأ وتربى فيه حتى أصبح يقال له ابن فرعون، ولأن أمه أرضعته قبل أن ترميه في النيل لم يقبل موسى مرضعة أبدا، فحرَّم الله عليه المراضع كما جاء في كتاب الله، فبدأ فرعون وزوجته يبحثون عن امرأة يتقبّلها موسى لترضعه، إلى أن انتهوا إلى أمه عن طريق شقيقته التي كانت تعمل في قصر فرعون، فردّه الله إليها كما وعدها، ونشأ موسى وكبر في قصر فرعون.
وفي يوم كان يتجوّل في السوق فرآى شجارا بين رجل من بني إسرائيل ورجل من قوم آخرين من عدوه، فوكز موسى الرجل الذي من أعدائه بقصد ردعه عن شجار ابن جلدته فخر الرجل ميتا، حينها هرب موسى خشية أن يقتله فرعون وجنوده، إلى أن جاء أهل مدين ومكث عندهم عشر سنين أو يزيد، وبعد أن أنهى موسى تلك الفترة في مدين وتزوج ابنة شعيب عليه السلام، حينها بعث الله له بالرسالة، وطلب منه أن يدعو فرعون وقومه للإيمان به وحده، والكف عن عبادة غير الله، فأنكر فرعون وقومه ما جاء به موسى وهارون من التوحيد، وطلب فرعون من موسى عليه السلام أن يبرهن له عن صدق نبوته، فجاءه موسى بالمعجزات التي أيده الله بها، فكذب وطغى، واتهمه بالسحر والشعوذة،
فاقترح موسى على فرعون أن تجري بينه وبين سحرة فرعون مُسابقة، فإن فاز موسى آمن له فرعون، وإن خسر رضخ لما يريد منه فرعون، واتفقوا على يوم مُعين لذلك، وحين بدأت المنافسة وعرض السحرة بضاعتهم ألقى موسى عصاه فالتهمت ما جاء به السحرة من الشعوذة والسحر الظاهر، فعلم السحرة أن ما جاء به موسى إنما هو الحق وآمنوا بموسى وما جاء به، فاتهمهم فرعون حينها بالمكر والخديعة وأمر بقتلهم جميعا، ومع كل ما جاء به موسى عليه السلام من الدلائل على توحيد الله وتنزيهه عن المثيل والشبيه والشريك، إلا أن فرعون لم يزدد إلا كفرا وطغيانا، وعندما ثبت لفرعون بالدلائل والمعجزات المعاينة الظاهرة، وعانى من العذاب هو وقومه جزاء كفرهم وبعدهم عن الحق، حينها أدرك أن ما جاء به موسى عن الله.
أنما هو الحق اليقين، وظهر له واتضح أن زوال ملكه سيكون على يد موسى عليه السلام، وحينها أراد التخلص من موسى ودعوته ومن آمن معه حتى يحافظ على ملكه ومملكته، ولكن الله لم يُمهله إلى أن يحقق غايته، وأنجى موسى وقومه من مكر فرعون وجنده، ومات موسى عليه السلام بعد أن بلغ من العمر مائة وعشرين سنة وقيل إن نبي الله موسى عليه السلام عندما كره الموت أراد الله أن يُحببه فيه ويجعل موسى عليه السلام يطلب الموت بنفسه، فأوحى الله إلى النبي يوشع بن نون عليه السلام، وكان من شأن يوشع عليه السلام أنه كثير التردد على موسى عليه السلام، وكان موسى يقول له يا نبي الله، ما أحدث الله إليك؟ فقال له يوشع يا نبي الله ألم أصحبك مدة كذا من السنين، فهل سألتك عن شيء مما أحدث الله لك؟
ولم يذكر يوشع له شيئا قط، فلما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت وقيل إنه مر بجمع من الملائكة وهم يحفرون قبرا وقد أحسنوا تزيينه وتجميله من الداخل والخارج، فعرفهم موسى ووقف عندهم، فقال لهم “يا ملائكة الله، لمن تحفرون هذا القبر؟ فقالوا نحفره لعبد كريم على ربه، فقال إن هذا العبد له منزل كريم ما رأيت مضجعا ولا مدخلا مثله، فقالوا له “أتحب أن يكون لك؟ قال وددت، قالوا فانزل واضطجع فيه وتوجّه إلى ربك وتنفس أسهل تنفس تتنفسه، فنزل فيه وتوجه إلى ربه، ثم تنفس، فقبض الله روحه، ثم سوّت الملائكة عليه التراب” …. والله أعلم …