الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة دُومة الجندل “جزء 2”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة دُومة الجندل “جزء 2”
ونكمل الجزء الثاني مع الرسول في غزوة دُومة الجندل، وقد أصبحت الغساسنة حلفاء لللإمبراطورية الرومية الشرقية وقاتلوا معهم ضد الساسانيين الفارسيين وحلفائهم العرب من سلالة المناذرة، كما كانت أراضي الغساسنة بمثابة منطقة عازلة تحمي الأراضي التي ضمها الرومان ضد غارات القبائل البدوية، وقد اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي، وظل معظم الغساسنة على الديانة المسيحية وانضموا إلى المجتمعات الملكانية والسريانية ضمن ما هو الآن الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان، والغساسنة هم قبيلة وسلالة حاكمة من قبائل التنوخيين القاطنة في جنوب سوريا والأردن وهى مملكة الأنباط سابقا وقد تحالفوا مع الرومان، ويقول بعض المؤرخين العرب ان الغساسنة هجروا من جنوب الجزيرة العربية.
في بداية القرن الأول للميلاد عقب انهيار سد مأرب في اليمن وبعد سيل العرم، وقد بدأت هجرات القبائل الأزدية ومن ضمنهم الغساسنة من جنوب الجزيرة العربية في بداية القرن الأول للميلاد عقب انهيار سد مأرب في اليمن وبعد سيل العرم، حيث اتجهوا شمالا حيث أقاموا فترة قرب عين ماء تسمى غسان، في تهامة حيث عرفوا بالغساسنة، وقد واصلوا هجرتهم نحو الشام، حيث استقروا في الأردن وجنوبي سوريا في بصرى التي كانت تقع ضمن سلطان سليح، وكان الروم قد ولوا الضجاغمة، من آل سليح القضاعيين على تلك البلاد وأعطوهم ألقابا مثل فيلارخوس، وكان أول من حصل على هذا اللقب هو جدهم ضجعم الذي أعطي هذا اللقب في عهد تيتوس، وكانت ديار قضاعة في المناطق الواقعة بين جبل الشيخ.
وجبال فلسطين والبلقاء والغور والعقبة وجبال الكرك، وقام الضجاعمة بضرب إتاوات على الغساسنة مما أثار فيما بعد خلافات أدت إلى حدوث معارك انتهت لصالح الغساسنة وتولوا حكم ماكانت تتولاه سليح، ولم يجل الغساسنة سليحا بل أبقوهم وظلت بعض منشآتهم حية حينا من الدهر لاسيما دير أيوب، وهو أحد أشهر أسواق الجاهلية ضمن شبكة التجارة العربية وظل قائما فترة في الإسلام، وآل سليح بدورهم كانوا قد تغلبوا على تنوخ الذين سبقوهم، واتخذ الغساسنة من بصرى عاصمة لهم قبل تحويل عاصمتهم لاحقا إلى الجابية بمرتفعات الجولان، وسرعان ما امتد حكمهم ليشمل كل الأردن والجولان وحوران وغوطة دمشق وجنوب سوريا، ووصلوا في غزواتهم حتى خيبر، وظلت المملكة الغسانية موالية للبيزنطيين حتى الربع الأول.
من القرن السابع الميلادي عندما أسقط المسلمون مملكتهم عقب معركة اليرموك، حيث دخل الغساسنة في تحالف مع العرب المسلمون ودخلوا في جيوش الفتح فكان لهم فيها سهم كبير، فشاركوا في فتح شمال أفريقيا والأندلس وانتشروا فيها واسهموا في اعمارها، وكما اعتمد عليهم الخلفاء الأمويين في إدارة الدولة لخبرتهم في إدارة الدواوين ودور المال، وقد اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي، وأما عن دومة الجندل فهى مدينة سعودية، وإحدى محافظات منطقة الجوف بالمملكة العربية السعودية وتقع جنوب غرب مدينة سكاكا عاصمة المنطقة التي تبعد عنها بحوالي خمسين كيلو متر وتزخر بالمواقع التاريخية والأثرية كقلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب وتتميز بوفرة مياهها وعذوبتها، وكان اسمها الجوف.
وظهرت مدينة دومة الجندل أى الجوف، في العهد الأشوري وكما أن هناك نصوص مكتوبة تتحدث عنها تعود إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، وكما تشير المصادر الأشورية إلى دومة الجندل بأدوماتو أو أدمو، وكذلك وقوعها ضمن ممتلكات قبيلة قيدار العربية، ولقد عاصرت مدينة دومة الجندل التاريخ منذ أقدم أزمانه، وبالتحديد منذ أيام الآشوريين، وقد ورد ذكرها في كثير من الكتب التاريخية، وفي أشعار بعض كبار الشعراء مما يدل على المكانة التي كانت تحتلها كإحدى بوابات شبه الجزيرة العربية، وعقدة مواصلات ما بين سوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية، وكما قيل أن ملكة تدمر الشهيرة زنوبيا، قد غزتها ولكنها عجزت عن الاستيلاء عليها بسبب مناعة تحصينها، وقد حكمها امرؤ القيس متخذا منها قاعدة له.