الرسول في غزوة دُومة الجندل “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة دُومة الجندل “جزء 3”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة دُومة الجندل “جزء 3”

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول في غزوة دُومة الجندل، وامتد نفوذه شمالا حتى الأردن، وفي العام التاسع للهجرة، بعث الرسول صلى الله علية وسلم القائد خالد بن الوليد إلى دومة الجندل الذي استطاع فتحها وإسر حاكمها اكيدر بن عبد الملك السكوني وأخذه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فاسلم اكيدر حيث أعاده صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد اكيدر عن الإسلام وترك دومة الجندل، ولقد ظلت بعد ذلك ممرا للجيوش والقوافل التجارية المتجهة إلى بلاد الشام والعراق، وتبدأ الإشارة إلى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربية الشهيرة زنوبيا، التي حكمت تدمر ويبدو أن هذه الملكة غزت دومة الجندل ولكن قلعت المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من اقتحامها.

فارتدت خالية وقالت قولتها المشهورة تمرد، مارد وعز الأبلق، الأمر الذي يدل على انه كان في دومة الجندل حكم قوي، وفيها وقعت غزوة دومة الجندل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة للهجرة، كما دارت بعد عدة سنوات معركة دومة الجندل في عهد الخليفة أبي بكر الصديق، وتقع دُومة الجندل على بُعد ربعمائة وخمسون كيلو مترا شمال المدينة المنورة، وقد ذكر الحموي في معجم البلدان أنها سُميت بذلك نسبة إلى حصن بناه دوماء بن إسماعيل، وأما الجندل فهي الحجارة، ومفرده جندلة، وعلى هذا يكون معنى اسم المنطقة هو الحصن الذي بناه دوماء في منطقة مليئة بالحجارة، وكان يُضرب المثل بمناعة حصن دومة وشدته، ولكن كان لدومة الجندل أهمية كبرى، وذلك لقربها من دولة الغساسنة الموالية للروم من جهة.

ووقوعها في طريق القوافل التجارية من جهة أخرى، مما يتيح لأهلها فرصة التعرض لقوافل المسلمين والاستيلاء عليها، في ظل توفر الحماية العربية والمساندة الرومية، وما قد يترتب عليه من زيادة الأعباء الاقتصادية لدولة المسلمين الناشئة، وغزوة دومة الجندل هى واحدة من الغزوات، التي قادها رسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث تحرك الجيش الإسلامي في شهر ربيع الأول من السنة الخامسة للهجرة باتجاه قبيلة قضاعة التي كانت تنزل شمال قبائل غطفان وأسد، والتي كانت تقع في حدود قبائل الغساسنة التي كانت توالي الدولة الرومية، وفي تلك الفترة تجمعت قبائل المشركين حلفاء الدولة البيزنطية عند دومة الجندل من أجل إلحاق الأذى بالقوافل العابرة هناك، ثم التخطيط للهجوم على المدينة فيما بعد، وقد وصلت هذه الأنباء إلى المدينة المنورة.

وكانت دومة الجندل منطقة نائية بالنسبة للمدينة المنورة، حيث أنها وقعت على الحدود بين الشام والحجاز بمنتصف الطريق بين الخليج العربي والبحر الأحمر، فكانت على مسيرة ستة عشر ليلة من المدينة المنورة، وكان المسلمون في ذلك الوقت امتلكوا نظرة سياسية ثاقبة وبعيدة المدى، حيث أن موضع منطقة دومة الجندل يستدعي عدم اللوم على المسلمين إذا لم يتحركوا لصد تلك التجمعات، ولكن المسلمين رأوا أنهم إن تركوا تلك التجمعات، فإنها ستتضاعف وقد تسبب لهم أضرارا فيما بعد، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف قوتهم، لذلك قرر المسلمون التحرك إلى الغزوة، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم، من جانبه قام بحشد المسلمين من أجل الخروج إلى تلك الغزوة، وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم، مع ألف من أصحابه حيث كان يسير أثناء الليل.

بينما كانت فترة النهار للاستراحة، وذلك حتى لا يشيع نبأ تحركهم باتجاه دومة الجندل، وهو ما قد يؤدي إلى استعداد الأعداء أو مطاردة الجيش الإسلامي، وفي تلك اللحظة اقترب الرسول صلي الله عليه وسلم، من الأقوام المتجمعة، فلم يجد منهم أحدا، حيث أنهم قد تفرقوا وولوا مدبرين، وقد تركوا غنائمهم وأنعامهم وماشيتهم، حيث حصل عليها المسلمون كغنائم يسيرة، وذلك لأنهم كانوا يخشون من قوة المسلمين، وقد تمكنت القوات الإسلامية من أسر أحدهم قبل أن يفر مثلهم، وقد قام جنود المسلمين قاموا بإحضار الأسير إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث سأله الرسول صلي الله عليه وسلم، عن القبائل التي كانت متجمعة في تلك المنطقة، فأجابه الأسير قائلا، هربوا حينما سمعوا بأنك أخذت نعمهم، وحينها عرض عليه النبي صلي الله عليه وسلم، أن يدخل في الدين الإسلامي.