الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 17″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 17″
ونكمل الجزء السابع عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، وهو كذلك من طلب إليه أن يهاجر إلى قرية كافرة ليس فيها مؤمن، تدعى قرية المؤتفكة، أو سدوم، وما حولها من القرى في غور الأردن، ليدعوهم إلى الإسلام، ويعرفهم بالله تعالى، ولما وصل لوط عليه السلام تلك القرية، تعجب من شدة سوء أهلها، فقد كانوا أفجر الناس وأكفرهم، يقطعون الطرق، ويكثرون من فعل السيئات، ولا ينهى بعضهم بعضا عن المعاصي والآثام، ويفعلون المنكرات في نواديهم، كان منها إخراج الريح والأصوات من الدبر والتضاحك من هذا الفعل القبيح، إلى جانب أنهم غرقوا في فعل فاحشة لم تسبق أن فعلتها أمة من قبلهم، وهي انهم كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء، ويفعلون اللواط جهارا، أمام الجميع دون استحياء ولا خوف ولا وجل من تلك المعصية القبيحة.
ويذكر أن بلاد قوم لوط كانت خصبة وفيها خير كثير، وكان الناس يأتون إلى ناحيتهم لينالوا شيئا من تلك الثمار وذلك الخير، فكانوا يقطعون الطريق، ويؤذون من يمر باتجاه قريتهم، إلى ان تمثل لهم إبليس اللعين بهيئة شاب، ومر من ناحية ديارهم، فأرادوا أن يؤذوه، فدعاهم إلى الفاحشة معه، ففعلوا حتى ألفوا هذا الأمر، وأصبحوا يفعلونه بكل من يأتي إلى ناحيتهم، وقيل إن إبليس أعطى لهم هذه الفكرة لينفروا الناس ويمنعوهم من الذهاب ناحية قريتهم، حتى كثر فعلهم له، وصار منتشرا بينهم، وبعدما وجد نبى الله لوط من هذه الأفعال، أخذ عليه السلام يحاورهم، ويحاول أن يردهم إلى دين الله تعالى، ويبعدهم عن الشذوذ الذي وقعوا فيه، والمعاصي التي استمرؤوها فمارسوها، وراح يخبرهم أن الله تعالى سيعاقبهم إن لم يقلعوا عن ذلك، فجادلوه وأكثروا النقاش معه.
ولما يئسوا منه، ولم يفلحوا في رد حججه عليهم، بحكم ان فطرتهم الشاذة كانت تدلهم على أن العفاف والطهارة أمر سيء يستحق فاعله الإخراج والطرد من القرية التي يسكنونها وبالرغم من دعوة لوط عليه السلام لهم، إلا ان أحدا منهم لم يؤمن برسالته ، بل زادوا في تماديهم وعصيانهم، حتى يئس عليه السلام من نتائج دعوته لهم، ودعا عليهم بأن يهلكهم الله لما يفعلونه من هذه الجريمة النكراء ، فأهلكهم الله تعالى بأن رماهم بحجارة من السماء فكان ذلك جزاء الظالمين، لكن لوط عليه السلام دعا بأن ينجو هو وأهله جميعا، فاستجاب الله لدعائه، وأمر الملائكة أن تهلك قومه، وتذيقهم العذاب، فأرسل الله ثلاثة ملائكة كرام إلى قرية سدوم في هيئة رجال من عند نبى الله إبراهيم عليه السلام، وهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاستجابوا لأوامر الله سبحانه وتعالى.
حتى يُنزلوا عقابه وعذابه على قوم لوط، فخسف المدينة وكان بعد وصول الملائكة إلى قرية سدوم، قد نزلوا ضيوفا على نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، فاستقبلهم بحفاوة، وكانت وجوه هؤلاء الرجال غاية في الحسن، لذا خاف عليهم من قومه، وما هي إلا لحظات حتى سمع طرقاً على الباب، فإذا بجمع من القوم ومعهم زوجته التي أخبرت القوم عنهم، فأسرعوا يطالبون لوطا بتسليمهم الضيوف، فخاف لوط على ضيوفه، لكن الملائكة طمأنوه، وطالبوا منه ألا يخاف، وأخبروه أنهم ملائكة الله، وأنهم سينقذون لوطا ومن آمن معه من العذاب، قبل أن ينزل الله غضبه وعذابه على هؤلاء القوم، فأبلغ لوط المؤمنين بأمر الله أن يغادروا القرية المغضوب عليها فورا، وما كاد الليل يحل حتى غادر لوط عليه السلام ومن آمن معه قرية سدوم، حتى إذا ابتعد عنها جاء أمر الله.
وفي صباح يومهم تزلزلت الأرض في هذه القرية بزلزال عظيم دمر البيوت، وجعل عاليها سافلها، فمُحيت قرية سدوم من الوجود، وأهلها الفاسدين، ولم يبق لهم أى أثر، وحسب المصادر المسيحية تقول، أنه استوطن قوم لوط عليه السلام مدنتى سدوم، وعمورة، كما ذكر في الكتاب المقدس في الآية الرابعة والعشرين ” فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء ” بينما لم يذكر القرآن الكريم مكان قوم لوط بشكل قطعى، إنما استدل العلماء على المكان عن طريق تفسير النصوص القرآنية المذكورة، وإن حديثا، قد تمكن علماء الآثار من تحديد موقع مدينة سدوم وهى في منطقة تسمى تل الحمام حاليا، وتقع شمال شرقي مصب نهر الأردن، على بُعد أاربعة عشر كيلو متر شمال البحر الميت، حيث تم العثور على أحواض صخرية عملاقة في المنطقة.