الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة العشاء ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
مشروعية صلاة العشاء ” جزء 1″
إن من أعظم ما أمر الله سبحانه وتعالى، به عباده هو الصلاة، فهي عمود الدين وركن الملة، ومن حافظ عليها فقد نجا وأفلح، ومن غفل عنها فقد هلك وخسر، وهي المعين الصافي، وبها يزداد الإيمان، ويجتنب العبد الفاحشة والعصيان، لاسيما أداؤها جماعة مع المسلمين، فهو حتم واجب، فبذلك يتميّز أهل الإيمان، ومداومة التخلف عنها هو علامة النفاق والفسق وقلة الديانة، والصلاة هي وصية النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم، ساعة الاحتضار، فقد أخذ يردّدها حتى ما يفصح بها لسانه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ومن هنا يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” من سره أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته.
لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر، فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ” أخرجه مسلم والنسائي، وأما عن صلاة العشاء فهي الصلاة الخامسة والأخيرة في اليوم وهي صلاة جهرية تتكون من أربع ركعات، والمقصود بالصلاة الجهرية في الإسلام، هي التي يقرأ فيها الإمام في صلاة الجماعة القرآن الكريم بصوت مسموع يسمعه الناس، ويجهر المصلي فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يجهر فيها، وعلى المصلي أن يفعل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله عز وجل “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”
ولأنه عن أبو سليمان بن الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” صلوا كما رأيتمونى أصلى، فإذا حضرت الصلاه، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم ” رواه البخارى، ولمّا فرضت الصلاة في السماء السابعة، جاءت فرضيتها على أنها خمسون صلاة، ثم خفف الله على عباده لتصبح خمسا في العمل، وخمسين في الأجر، وقد وُزعت الصلوات على أوقات النهار والليل، لتشملها ابتداء من الفجر، حتى آخر أوقات اليوم، ووقت صلاة العشاء، هو بعد غياب الشفق الأحمر، ولأن صلاة العشاء من الفرائض الخمس، فإن أداءها واجب على كل مسلم، وهي صلاة رباعية تتكون من أربع ركعات، وهي من أحب الصلوات وأكثرها أجرا، حيث جاء في الحديث الصحيح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من صلى صلاة العشاء والصبح فى جماعه فهو كقيام ليله ”
ويدل ذلك على أفضلية صلاة العشاء ومكانتها، فأداؤها جماعة يقوم مقام قيام نصف الليل، ومعلوم أن قيام الليل له من الفضل والأجر ما له، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ” متفق عليه، وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم” رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم ” يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون” رواه البخاري ومسلم.
ويدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر، ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق، والشفق هو الضوء الذي يظهر في جهة الغرب بعد غروب الشمس بفعل تبعثر ضوء الشمس في الطبقة العليا من الغلاف الجوي ثم يغيب بعد فترة، ويأتي بعده الغسق، ويوجد نوعين للشفق، وهما شفق أحمر، وشفق أبيض وهو الذي يظهر بعد اختفاء الشفق الأحمر، ويبدأ الشفق الفلكي عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار ثمانى عشرة درجة، أما الغسق الفلكي فينتهي عندما تصبح الشمس دون الأفق بمقدار ثمانى عشرة درجة أيضا، وأما فيما يتعلق بالشفق والغسق المدنيين، فيبدأ الشفق المدني عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار ست درجات، في حين ينتهي الغسق المدني عندما تصبح الشمس دون الأفق بمقدار ست درجات، وأما الشفق والغسق البحريان، فيبدأ الشفق البحري عندما تكون الشمس.