شمس الخالق وشمس المخلوق … ما هي قصة شمس الصين الاصطناعية؟ وهل تحاكي شمس الله ؟
بقلم : د . احمد ممدوح
شمس الخالق وشمس المخلوق … ما هي قصة شمس الصين الاصطناعية؟ وهل تحاكي شمس الله ؟
نظرا لقلة مصادر الطاقة في العديد من بلدان العالم، لذلك اتجهت بعض البلدان في الآونة الأخيرة باجراء العديد من التجارب والمحاولات لتوفير مصادر بديلة لانتاج و توليد الطاقة.
– اما قصة شمس الصين الاصطناعية :
تعمل الصين منذ مدة زمنية طويلة على ابتكار شمس صناعية على غرار الشمس الحقيقية، وذلك لمواجهة مشكلة تغير المناخ التي تسببت في الكثير من المشكلات لمختلف دول العالم.
ويهدف الابتكار الصيني إلى مواجهة أزمة تغير المناخ العالمية، والحصول على أكبر كم من الطاقة النظيفة الغير محدودة في المستقبل.
وأشار العلماء الصينيون القائمون على المشروع، إلى أن الشمس الصناعية، التي أُطلق عليها اسم “EAST”، أكثر سخونة من الشمس الحقيقية بحوالي ٣٥٠ ألف مرة.
وسوف يساهم المشروع في تبديد مخاوف العالم من نفاذ الطاقة في المستقبل، بيد أنه يخلو من النفايات الخطرة الناتجة من محطات الطاقة النووية والتي تحدث بسبب استخدام الانشطار النووي الذي أدى إلى حوادث نووية خطيرة، من بينها تشرنوبيل، وفوكوشيما.
وفي تجربة مشابهة للتجربة الصينية، تقوم أيضًا فرنسا، بمشاركة ٣٥ دولة، بعمل مشروع يحمل اسم “المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي”
واستطاعت الصين من صناعة الشمس الاصطناعية و هي عبارة عن مفاعل تجريبي لموصل فائق التطور، والذي يعرف باسم مفاعل «توكاماك»، وهذا المفاعل يحاكي عملية الاندماج النووي التي تحدث بالشمس الحقيقية لتوليد الحرارة والطاقة، مما يمكنه من مضاهاة ومحاكاة الشمس الطبيعية، ليس فقط في طريقة العمل، ولكن في كمية الضوء التي تشعها أيضاً.
اما سبب التسمية بالشمس الصناعية، بسبب الضغط الشديد في نواة الشمس ترتفع درجة الحرارة بشدة لتصبح نحو ١٥ مليون مئوية، فتتحوَّل المادة إلى حالتها البلازمية، وهي الحالة التي تنسلخ فيها الإلكترونات من الذرة لتسبح بحرية تامة في حساء حار، هنا يكون الوضع ملائما لحدوث اندماج نووي، يعني ذلك أن تجبر الحرارة أنوية ذرّات الهيدروجين كي “تندمج”(٢) معا لتصنع الهيليوم، وفي أثناء ذلك يخرج قدر هائل من الطاقة، وهو ما يعطي الشمس قدراتها بوصفها نجما.
ونعرف أن الذرة، تتكوَّن من إلكترونات تدور حول نواة، تحوي النواة بدورها جسيمات أخرى وهي البروتونات والنيوترونات. “العدد الذري” هو عدد البروتونات في نواة الذرة، وهو ما يُحدِّد طبيعة العنصر، فالهيدروجين تحتوي نواته على بروتون واحد، الهيليوم ٢، الليثيوم ٣، الكربون ٦، الأكسجين ٨، الكلور ١٧، وهذا التفاعل يحوَّل الهيدروجين خلاله إلى هيليوم، لكن الفكرة هي أن الاندماج النووي يدمج نواتَيْ ذرتين معا، فتجتمع بروتوناتهما، بالتالي يرتفع عدد بروتونات العنصر فيتحوَّل إلى عنصر آخر.
هذا أيضا ما يحدث داخل مفاعل “إيست” أو مفاعل توكاماك التجريبي المتقدم فائق التوصيل (Experimental Advanced Superconducting Tokamak)، حيث تُدمَج ذرات من نظائر الهيدروجين (الديوتيريوم والتريتيوم) معا لبناء الهيليوم، لذا سُميت بالشمس الصناعية.
و لإحداث اندماج نووي في مكان آخر غير باطن النجم، يجب أن يتحايل العلماء للوصول إلى تلك الدرجات المرتفعة جدا من الحرارة، والأصعب الحفاظ عليها، حيث تُستخدم مغانط كهربائية فائقة التوصيل (مبردة بالهيليوم السائل) لكي تحصر البلازما في شكل حلقة ذات درجة حرارة هائلة، تُستخدم هذه المغانط أيضا لتثبيت البلازما بحيث لا تتلامس حتى مع جدران المفاعل، لأن ذلك لو حدث فإنها مع درجة الحرارة تلك ستخترق جدران المفاعل فورا، ويتوقف الاندماج النووي.
اما الاندماج النووي هو تقنية يمكن أن توفِّر بأمان سيلا هائلا وثابتا من الكهرباء، قال آرثر ستانلي إدنغتون، عالِم الفيزياء والرياضيات البريطاني الشهير، ذات مرة: “نحلم أحيانا أن تصل البشرية يوما ما إلى النقطة التي تتمكَّن فيها من استخراج هذا النوع من الطاقة واستغلالها لخدمتها، إنه مخزون لا ينضب. هناك ما يكفي منه في الشمس للحفاظ على إنتاجها من الحرارة لمدة ١٥ مليار سنة”، لكن هل سنصل إلى هناك يوما ما؟
أما طريق عمل مفاعل توكاماك
ففي أحد أكبر المعاهد الصينية المختصة بدراسة فيزياء البلازما، عكف الباحثون على دراسة إمكانية بلوغ نقطة تحول هائلة في مفاعل توكاماك، وذلك عن طريق الوصول لدرجة حرارة إلكترونية تبلغ ١٠٠ مليون درجة مئوية. وهذه هي درجة الحرارة اللازمة لإحداث تفاعل الإندماج النووي، وهذا التفاعل بدوره هو المسئول عن إنتاج طاقة تفوق كثيراً تلك الطاقة المستخدمة في تشغيله. والجدير بالذكر هنا أن درجة حرارة باطن الشمس الطبيعية التي نراها كل يوم حوالي ١٥ مليون درجة مئوية. ولذلك، فشمس الصين الصناعية ستفوق الشمس العادية بأكثر من ستة أضعاف.
وهذا الفارق الشاسع في درجة الحرارة هو ما جعل المسئولين في الصين يصرحون بأن هذا المفاعل سيحقق علامة فارقة لم يسبق الوصول لها من قبل، وهم يأملوا في الإستفادة من قوة هذا الإندماج النووي في أغراض كثيرة مثل العلاج والزراعة والصناعة.
أما نظام عمل هذه الطاقة يعتمد على جهاز صمم لتكرار التفاعلات الطبيعية التى تحدث داخل الشمس الطبيعية باستخدام غازي الهيدروجين والديوتريوم كوقود، موفراً طاقة وصديق للبيئة من خلال الاندماج النووي المتحكم به.
ويعمل العلماء مع مجموعة من الأجهزة التجريبية لدراسة ردود الفعل هذه هنا على الأرض، ويعتبر الخبراء جهاز التوكاماك الأكثر فعالية لتحقيق ذلك.
ويتميز الجهاز المعدني من الداخل بسلسلة من الملفات المغناطيسية المصممة لتثبيت تيارات شديدة الحرارة من بلازما الهيدروجين، في مكانها لفترة كافية لحدوث التفاعلات.
وتمثل الجولة الأخيرة من التجارب خطوة أخرى إلى الأمام للباحثين.
ووفقا لوكالة أنباء شينخوا التي تديرها الصين، فقد سجل الجهاز رقما قياسيا جديدا قدره ١٢٠ مليون درجة مئوية للبلازما الساخنة، واستدامتها لمدة ١٠١ ثانية.
وفي تجارب منفصلة قامت “الشمس الاصطناعية” كما يطلق عليها، بتسخين البلازما إلى ١٦٠ مليون درجة مئوية لمدة ٢٠ ثانية.
ويهدف الباحثين للاحتفاظ بالبلازما عند حوالي ١٠٠ مليون درجة مئوية لأكثر من ١٠٠٠ ثانية، أو حوالي ١٧ دقيقة.
ولا تسعى هذه التجارب لتوليد كهرباء قابلة للاستخدام، ولكن لتطوير مجال فيزياء الاندماج النووي للأجهزة المختصة مثل جهاز “أيتر” الذي سيكون أكبر مفاعل اندماج نووي في العالم عند اكتماله في عام ٢٠٢٥م.
ورغم كل ما أنجزه العلماء في نطاق طاقة الاندماج النووي، فإن كل ما حقَّقناه لا يتعدى حد النطاقات التجريبية، لم نتمكَّن بعد من الوصول إلى اللحظة التي يكون فيها ناتج الطاقة من التفاعل الاندماجي أكبر من الطاقة المُستهلكة لإحداثه من الأساس، كذلك فإننا بحاجة إلى مدة أطول تثبت خلالها البلازما أثناء التفاعل. ورغم ذلك هناك الكثير من الأمل، حيث يُعتقد أن بحلول عام ٢٠٤٠ ستبدأ بعض دول العالم في استغلال طاقة الاندماج النووي لتوريد الكهرباء إلى مُدنها.
أما من قال علي شمس الصين الاصطناعية أنها تحاكي شمس الله، فهذا محال حيث أشارت الهيئة السعودية، إلى الشمس الاصطناعية التي ابتكرتها الصين لن تنطلق في السماء لأنها عبارة عن مفاعل نووي أو ما يُسمى جهاز “توكاماك الصيني”، لافتةً إلى أنه سُمي بهذا الاسم لأنه استطاع الوصول إلى درجات حرارة تساوى أضعاف درجة حرارة الشمس.
كما أن شمس الصين الاصطناعية لا تستطيع أن تشرق وتغرب. اما شمس الله فهي تتحرك بقدر الله فهي مطيعة لله عز وجل، فمثلا لم نسمع ان الشمس منذ أن خلقها الله عز وجل انها لم تشرق من الشرق او لم تغرب من الغرب أو انها سقطت من السماء أو صدمت كوكب ما أو نجم ما أو غيرت مسارها وطلعت باليل، أو رفعت درجة حرارتها فاماتت جميع الخلق.
فلَقَدِ اسْتَطَاعَ العَالَمُ – بِفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ – أَنْ يُقَدِّمَ الِاخْتِرَاعَاتِ العِلْمِيَّةَ وَالمُنْجَزَاتِ المُبْهِرَةَ الَّتِي حَيَّرَتِ العُقُولَ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّهُ بِأَجْمَعِهِ كُلِّهِ لَنْ يَخْلُقَ كَخَلْقِ اللَّهِ، فَالمَخْلُوقُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْسُمَ شَكْلًا أَوْ يَبْنِيَ تِمْثَالًا أَوْ يَصْنَعَ جِهَازًا، وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجْعَلَهُ حَيًّا مُتَحَرِّكًا عَاقِلًا مُفَكِّرًا، يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، وَيَعْمَلُ كَمَا يَعْمَلُ خَلْقُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيَتَزَاوَجُ وَيَتَنَاسَلُ وَيَتَكَاثَرُ، ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: ١١].