مشروعية سجدة التلاوة ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن مشروعية سجدة التلاوة ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مشروعية سجدة التلاوة ” جزء 1″

إن الشكر لله عز وجل، هو ظهور أثر نعمة الله تعالى، على لسان عبده ثناء، واعترافا، وعلى قلبه شهودا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادا وطاعة، وقيل أن الشكر هو الثناء على المنعم بما أولاك من معروف، وهو الاعتراف بالمنعم ومعني ذلك أن تقر بقلبك وتوقن وتجزم أن الذي اسداك تلك النعمة وهو الله عز وجل، فلا يجوز أن تنسب النعمة على أي أحد من الناس فقد يكونوا أسبابا لكن صاحب الفضل الحقيقي هو الله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى الذي سخر لك اشخاصا حتي تحقق لك ما تريد، وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء ” رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

وأما سجود التلاوة أو سجدة التلاوة فهو السجود الذي يكون في الصلاة دون السجود خلال الركعة، بل عند قراءة آية فيها سجود في القرآن الكريم وهي خمس عشرة آية سجدة، ويكون سجدة واحدة ثم يعود المصلي إلى حال القيام لإكمال القراءة من الآيات، وإكمال الصلاة إذا كانت الاية التي بها السجود أثناء الصلاة، وله الخيار أيضا أن يركع دون قراءة، وإذا كانت فقط أثناء تلاوة القران فيكون السجود سجدة واحدة فقط، ويقصد بسجود التلاوة أنه السجود الذي يسجده المسلم عند قراءة آية سجدة إن كان في الصلاة أو خارجها، وسمي بذلك لأنه سجود خاص بتلاوة القرآن شُرع فعله عند الوصول إلى موضع السجدة أثناء تلاوة القرآن أو استماعه اقتداء بسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد أجمع الفقهاء على مشروعية سجود التلاوة مستدلين بما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة، فيها السجدة فيسجد ونسجد، حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته ” ويشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة، وهذا حسب أقوال مختلف العلماء، وكما بينها الإمام النووي في المجموع، مع أن الشيخ ابن باز أفتى بأنه لا يشترط أن يكون الساجد على طهارة، وأما عن حكم سجود التلاوة فهى سنة مؤكدة لا ينبغي تركها، فإذا مر الإنسان بآية سجدة فليسجد سواء كان يقرأ في المصحف، أو عن ظهر قلب، أو في الصلاة، أو خارج الصلاة، وأما السنة المؤكدة فلا تجب ولا يأثم الإنسان بتركها، لأنه ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أنه قرأ السجدة التي في سورة النحل على المنبر، فنزل وسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخـرى فلم يسجد، ثم قال “إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء” وذلك بحضور الصحابة رضي الله عنهم، والراجح عند جمهور العلماء أن سجود التلاوة حكمه حكم صلاة النافلة، فيشترط فيه ما يشترط فيها من طهارة حدث وخبث وستر عورة واستقبال قبلة، وإليك الأدلة على ذلك من كلام أهل العلم، وقال الإمام النووي في المجموع، وحكم سجود التلاوة، هو حكم صلاة النافلة يفتقر إلى الطهارة والستارة واستقبال القبلة لأنها صلاة في الحقيقة، وقال ابن قدامة في المغني، شرطها الطهارة واستقبال القبلة إلى آخر شروط الصلاة، وكذلك الحكم عند المالكية كما صرح به خليل في مختصره وبينه شروحه.

وما يقال فيها، فالسنة أن يقول في سجود التلاوة، ” سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته ” رواه الترمذي والحاكم وزاد “فتبارك الله أحسن الخالقين” وقد أجاز بعض العلماء أن يقول سبحان ربي الأعلى، أو يفعل مثلما يفعل في سائر السجود، وقد قال الإمام النووي ويستحب أن يقول في سجوده، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، وأن يقول اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود، ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز، ثم يرفع رأسه مكبرا كما يرفع من سجود الصلاة، وأما عن رأى إبن باز فى سجود التلاوه فقال سجدة التلاوة مثل سجود الصلاة.

فإذا سجد يكبر وإذا رفع يكبر والدليل على هذا ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان في الصلاة يكبر في كل خفض ورفع إذا سجد كبر وإذا نهض كبر هكذا أخبر الصحابة من حديث أبي هريرة وغيره، وهذا السجود من سجود الصلاة، وأما عن صفة سجود التلاوة والطهارة له، فسجود التلاوة لا تشترط له الطهارة في أصح قولي العلماء، وليس فيه تسليم ولا تكبير عند الرفع منه في أصح قولي أهل العلم، ويُشرع فيه التكبير عند السجود، لأنه قد ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على ذلك، وأما عن سجود التلاوة للمعلم، فسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع، وليس واجبا، ولا يُشرع للمستمع إلا تبعا للقارئ، فإذا سجد القارئ سجد المستمع.