الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة العيدين ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مشروعية صلاة العيدين ” جزء 1″
إن الأعياد من شعائر الإسلام التي يتميز بها المسلمون عن أعياد المشركين، وإن صلاة العيد هى شعيرة ظاهرة من شعائر الإسلام، ويشرع أن يخرج إليها المسلمون، رجالا ونساء وصغارا وكبارا، فعن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت ” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحُيض وذوات الخدور أى العواتق اللائي قاربن البلوغ، وذوات الخدور الشابات الأبكار، فأما الحُيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال ” لتلبسها أختها من جلبابها ” رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، وقد زاد أبو داود في روايته، والحُيض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس، وفيه مشروعية التكبير للنساء ولكن سرا، وأن تخرج النساء لصلاة العيد في جلابيبهن وحجابهن السابغ.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة النعمان، إلى أن صلاة العيد فرض عين، وذهب الإمام أحمد بن حنبل، إلى أنها فرض كفاية، وذهب الإمامان مالك والشافعي إلى أنها سنة، وعلى المسلم الحرص على التبكير يوم العيد لحضور الصلاة، والحرص على الاستماع إلى خطبة العيد بعد الصلاة، وكما يستحب أن يذهب إلى صلاة العيد ماشيا وأن يرجع ماشيا إذا استطاع ذلك، لما فيه من إظهار شعار الإسلام في الطرقات، ويستحب أن يرجع من غير الطريق الذي ذهب منه، وهذا فى صحيح البخارى، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم، لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا” رواه البخاري، وفيه استحباب أكل تمرات وترا قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر، وصلاة العيد ركعتان، ويدخل وقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح.
وقد حدده العلماء بزوال حمرتها، وينتهي وقتها بزوال الشمس، وأما عن هيئتها فيكبر في الركعة الأولى سبعا من غير تكبيرة الإحرام، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى أو سورة ق، وفي الركعة الثانية يكبر خمسا ويقرأ بسورة الغاشية أو بسورة القمر، وبعد الصلاة يخطب الإمام خطبة يذكر فيها الناس ويعظهم، والدليل على ذلك هو ما روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، وإن كان يريد أن يقطع بعثا أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف” رواه البخارى ومسلم.
ولكن هل يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة العيد بدون عذر، وهل يجوز منع المرأة من أدائها مع الناس؟ فيجب أن نعلم أن صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم، ويجوز التخلف من بعض الأفراد عنها، ولكن حضوره لها ومشاركته لإخوانه المسلمين هى سنة مؤكدة لا ينبغي تركها إلا لعذر شرعي، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة، فلا يجوز لأي مكلف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها، وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب، وأيضا يسن للنساء حضورها مع العناية بالحجاب والتستر وعدم التطيب، وذلك لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت ” أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيض المصلى” رواه البخارى.
وفي الرواية الأخرى فقالت إحداهن يا رسول الله لا تجد إحدانا جلبابا تخرج فيه فقال صلى الله عليه وسلم ” لتلبسها أختها من جلبابها “رواه الامام احمد، وأما التخلف عن صلاة العيدين، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال الرأى الأول هو أنها واجبة على الأعيان، وهذا هو الصحيح عند الحنفية، وقد قال الكاساني، والصحيح أنها واجبة، وهو قول أصحابنا، وقد استدلوا على ذلك بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرة، وأنه لا يصلى التطوع بجماعة، ما خلا قيام رمضان وكسوف الشمس وصلاة العيدين، فإنها تؤدى بجماعة، فلو كانت سنة ولم تكن واجبة لاستثناها الشارع كما استثنى التراويح وصلاة الخسوف، وأما عن الرأى الثاني فهو أن صلاة العيد سنة مؤكدة، وإلى هذا ذهب الشافعية والمالكية.