الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة عمرة القضاء ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الرسول في غزوة عمرة القضاء ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة عمرة القضاء، فبايعه الصحابة تحت الشجرة، فكانت بيعة الرضوان، وتجدر الإشارة إلى أن هذه البيعة لم يتخلف عنها أحد إلا الجد بن قيس، ثم وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن خبر مقتل عثمان غير صحيح، وبعد أن تمت بيعة الرضوان، وقبل أن يعود عثمان، أخبر المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن عثمان ربما طاف في الكعبة، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصر على أنه لم يطف بالبيت، مؤكدا على ضرورة إحسان الظن، وبعد أن عاد عثمان رضي الله عنه، أخبره القوم أنه قد بلغ مراده، وطاف حول البيت، ظانين أنه فعل ذلك دون أن يطوفوا معه، فأخبرهم عثمان رضي الله عنه، معاتبا أنه لا يطوف أبدا قبل أن يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأجابه المسلمون مؤكدين حسن ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيه، وقد سُميت بيعة الرضوان بهذا الاسم، لأن الله سبحانه وتعالى، ذكرها في محكم كتابه الكريم، وأثنى بالرضا على من بايع رسولَه الكريم، فقال الله تعالى “لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا” وقيل إنها سُميت ببيعة الشجرة لأنها وقعت تحت الشجرة عند الحديبية، ويشار إلى أنه كان للمبايِعين فضل عظيم، فقد مدحهم الله في كتابه الكريم، حيث قال تعالى “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم” وفي هذه الآية تشريف لمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال ابن القيِم فيها إنه لما كان المسلمون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأيديهم، ويضع يده على أيديهم، كان وسيطا بين الله وبينهم.
فإن مبايعتهم كانت لله تعالى، وإنه سبحانه وتعالى، فوق السموات على عرشه، وفوق الخلائق كلهم، كانت يده فوق أيديهم، كما أن الله شرفهم بهذه البيعة، فقد رضي عنهم، وهذا فضل عظيم من الله عز وجل، وقد أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوصفهم بأنهم خير أهل الأرض، فقد أخرج البخاري أن جابر بن عبد الله قال ” قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ” أنتم خير أهل الأرض ” وكنا ألف وأربع مائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة ” وفى النهاية كان الصلح وكانت بنود الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقريش أن يعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل مكة المكرمة هذا العام، وإن أراد دخلها العام المقبل، أن تعقد هدنة بين فريقى المسلمين، وقريش مدة عشر سنوات لوضع الحرب.
وأن من أراد أن يؤمن فله ذلك، ومن أراد أن ينضم إلى قريش فله ذلك، ويصبح ذلك الفرد أو القبيلة جزءا من الفريق، وأي اعتداء يتعرض له يعتبر اعتداء على الفريق كله، وأن من ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فريق قريش من غير إذن قائده فارا منهم فإنه يعاد إليهم، ومن ذهب إلى قريش من غير إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارا منه، فإنه لا يعود إليه، وهكذا تم توقيع قريش على المعاهدة، والإقرار بوجود الدولة الإسلامية، وقد تأثرت بذلك القبائل المؤيدة لقريش، وتم كسر شوكة المشركين، والمنافقين، وكبرهم، وإدراك المشركين، ومعرفتهم بعزة الإسلام، وانتشار الدعوة وتوسعها، مما أدى إلى دخول الكثير في الإسلام، وتم انشغال المسلمون باليهود بعدما أمنوا جانب قريش، الأمر الذي أدى إلى حدوث غزوة خيبر بعد الصلح.
وأيضا إدراك حلفاء قريش لما أراده المسلمون أثناء المفاوضات، بأنهم أرادوا الاعتمار لا الاعتداء، وكان تمهيد هذا الصلح للدعوة خارج الجزيرة العربية، حيث جهّز رسول الله صلى الله عليه وسلم، لغزوة مؤتة، وأيضا استغل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترة الصلح، وذلك بإرسال الرسائل إلى ملوك الفرس، والروم، والقبط لدعوتهم إلى الإسلام، ولقد كان من شروط صلح الحديبية هو أن يعودوا هذا العام بدون أن يطوفوا حول البيت على أن يعودوا فى العام القادم لأداء العمرة، فكانت هى عمرة القضاء وقد كانت عمرة القضاء في العام السابع من الهجرة بناء على الاتفاق الذي تم بين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقريش في صلح الحديبية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أخذ معه ألفين من الصحابة.