الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، والزهراء هي البقرة الوحشية، ومعلوم أنهم يضربون بها المثل في الجمال، وقيل أيضا أن الزهراء كذلك السحابة البيضاء التي تبرق وتستنير بذلك البرق، فهذه ولادتها رضي الله عنها، فهي أصغر بنات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه، وعندما تزوجها الإمام علي رضى الله عنه كما ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب كان عمرها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وكان عمر الإمام علي واحدا وعشرين عاما على الصحيح في هذه الروايات، وكان هذا الزواج في رجب بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقدمه المدينة بنحو خمسة أشهر، ثم بنى بها أي دخل بها، بعد مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، وأخطأ من قال إن البناء كان بعد يوم أحد لأن القصة فيها أن حمزة رضي الله عنه.
عم النبي صلى الله عليه وسلم نحر شارفين في وليمة عرس علي رضي الله عنهما، وأما عن مهر السيدة فاطمة الزهراء فالروايات متكاثرة في أنه عندما خطب الإمام علي رضي الله عنه وتقدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال “والله ما لي من شيء، فقال وكيف؟ قال فذكرت صلته وعائدته علي، يعني فضل النبي صلى الله عليه وسلم فتجرأت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما تصدقها؟” أي ما تعطيها من المهر؟ فقال يا رسول الله ما عندي ما أصدقها، أي ليس عند علي مهر، قال “ولم يكن يومئذ صفراء ولا بيضاء” أي لا ذهب ولا فضة عند الإمام علي ولا عند غيره إذ ذاك في أول الهجرة وفي مطلع الشدة حين كان المسلمون في شدة كبيرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “أين درعك الحطمية؟” وهي درع أعطاها له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بدر.
والحطمية هي نسبة إلى بطن حطم بن محارب كانوا مشتهرين بصناعة الدروع، وقيل الحطمية التي تحطم السيوف، وقيل الثقيلة الحصينة، فقال صلى الله عليه وسلم “أين درعك الحطمية؟ قال هي عندي يا رسول الله، قال أصدقها إياها، فباعها بأربعة وثمانين درهما فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها بلالا وقال اجعلوا ثلثيها في الطيب، وثلثا في المتاع” وهذا من فقه النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بطبائع النساء، أمرهم أن يجعلوا ثلثيها في الطيب وثلثا في المتاع واللباس وغير ذلك، فهذا كان مهر سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها وأرضاها، وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن حجر بن عنبس قال “خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي لك يا علي، لست بدجال” أي لست بكذاب.
فقيل وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد وعد عليا بها قبل خطبة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، والنبي صلى الله عليه وسلم شاورها واختار لها علي بن أبى طالب ربيبه الذي تربى في حجره وعلى نظره، وكان علي يقول صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع سنين لا أصلي إلا أنا وهو، يعني قبل أن يفشو الإسلام، وقبل أن تظهر الجماعة، وقبل أن يكون دار الأرقم وغير ذلك، ويقول ابن سعد في الطبقات، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسيدة فاطمة ” إن علي بن أبى طالب يذكرك، يعني يخطبك، فسكتت فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم” وفيما جاء أيضا في خطبة علي رضي الله عنه ما رواه بريدة أن نفرا من الأنصار قالوا للإمام علي رضي الله عنه، اذكر فاطمة واخطبها، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حرضه نفر من الأنصار.
فقال له صلى الله عليه وسلم “ما حاجة ابن أبي طالب ؟ قال ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا وأهلا، لم يزده عليهما، فقال ورجع، فقال له الرهط ما قال لك؟ قال ما زاد أن قال مرحبا وأهلا، قالوا يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، فلما كان بعد أن زوجه قال يا علي إنه لابد للعروس من وليمة” ولقد شهدت السيدة فاطمة الزهراء منذ طفولتها أحداثا جساما كثيرة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تعينه على ذلك الاضطهاد وتسانده وتؤازره، كما كان يعاني من أذى عمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته فكانت السيدة فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير، وكان من أشد ما قاسته من آلام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب.