أبي موسي الأشعري ” جزء 2″

الدكرورى يتكلم عن أبي موسي الأشعري ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

أبي موسي الأشعري ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع أبي موسي الأشعري، وقام عمرو بن العاص فوضع سيفه في الأرض وقال إني نظرت فأثبت معاوية في الأمر كما أثبت سيفي هذا في عاتقي وتقلده فأنكر أبو موسى، فقال عمرو كذلك اتفقنا وتفرق الجمع على ذلك من اختلاف، وهذا كذب لا يصح سند به إنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثه أهل الماجنة والمجاهرة بمعاصي الله والبدع، ولا يصُح أن يُتهم أحد الصحابة بهذه التهمة” بالمكر والخداع أو البلاهة” والصواب هو أنهما اتفقا على أن يرد الأمر إلى كبار وأعيان الصحابة، فيجعلوا على المسلمين من يرونه أهلا للخلافة قطعا للنزاع وحقنا لدماء المسلمين، واتفاق الحكمين على ذلك، ولم يتناول معاوية لأنه لم يكن خليفة، ولم يقاتل على الخلافة إنما كان يطالب بإقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان بن عفان.

ولكن تناول التحكيم شيئا واحدا هو لأمامه، أما التصرف العملي في إدارة البلاد يبقى كما كان “عليّ بن أبي طالب” متصرف في إدارة البلاد التي كانت تحت حكمه، ومعاوية في إدارة البلاد التي كانت تحت حكمه، فالتحكيم لم يقع فيه خداع ولا مكر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في عمرو بن العاص أسلم الناس وآمن “عمرو” أما أبو موسى الأشعري قيل عنه ” إماما كبيرا وفقيها حصيفا و ذكيا يُجيد تصويب فهمه إلى مغاليق الأمور فطنته لا تغيب في مواطن الحاجة وكان يتألق في الإفتاء والقضاء حتى قيل قضاة هذه الأمة أربعة “عمر، وعليّ، وأبو موسى، وزيد بن ثابت” و إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أطهار وأتقياء لا يتكالبون أو يتصارعون على دنيا زائلة، ثم أن خلافة معاوية لم تبدأ إلا بعد الصلح مع الحسن بن علي رضي الله عنه.

وقد تمت بمبايعة الحسن لمعاوية رضي الله عنه وتحققت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي قال في إشارة إلى الحسن “سيُصلح الله به طائفتين من المسلمين” وهكذا أصلح بين الطائفتين، من ذلك اليوم سمي معاوية أمير المؤمنين، وفي المعارك التي خاضها المسلمون ضد إمبراطورية الفرس كان لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه، بلاؤه العظيم وجهاده الكريم، وفي موقعة تستر بالذات، حيث انسحب الهرزمان بجيشه إليها وتحصّن بها، وجمع فيها جيوشا هائلة، وكان أبو موسى بطل هذه الموقعة، ولقد أمدّه أمير المؤمنين عمر يومئذ بأعداد هائلة من المسلمين، وعلى رأسهم عمار بن ياسر، والبراء بن مالك، وإنس بن مالك، ومجزأة البكري وسلمة بن رجاء، والتقى الجيشان، جيش المسلمين بقيادة أبو موسى الأشعري، وجيش الفرس بقيادة الهرزمان.

في معركة من أشد المعارك ضراوة وبأسا، وانسحب الفرس إلى داخل مدينة تستر المحصنة وحاصرها المسلمون أياما طويلة، حتى أعمل أبو موسى عقله وحيلته، وأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي، أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة أمام الطليعة التي اختارها لهذه المهمة ولم تكد الأبواب تفتح، وجنود الطليعة يقتحمون الحصن حتى انقض أبو موسى الأشعري بجيشه انقضاضا مدمدما، واستولى على المعقل الخطير في ساعات واستسلم قادة الفرس، حيث بعث بهم أبو موسى إلى المدينة ليرى أمير المؤمنين فيهم رأيه على إن هذا المقاتل ذا المراس الشديد، لم يكن يغادر أرض المعركة حتى يتحوّل إلى أوّاب، بكاء وديع كالعصفور، يقرأ القرآن بصوت يهز أعماق من سمعه، وقد ذكرت في طبقات القراء توفي أبو موسى الأشعري في ذي الحجة سنة أربع وأربعين.

من الهجرة على الصحيح ابن سعد أخبرنا يزيد وعفان قالا حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن أبا موسى كان حلو الصوت فقام ليلة يصلي فسمع أزواج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقمن يستمعن فلما أصبح قيل له إن النساء سمعنك قال لو علمت لحبرتكن تحبيرا ولشوقتكن تشويقا قال أبو سلمة بن عبد الرحمن كان عمر إذا رأى أبا موسى قال ذكرنا يا أبا موسى فيقرأ عنده، وهكذا كان أبو موسى الأشعرى الذى قابله عبيد الله فى البصره، فهو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري وهو صحابي جليل، وقد ولاه النبي صلى الله عليه وسلم، على زبيد وعدن، وقد ولاه عمر بن الخطاب على البصرة، وقد ولاه عثمان بن عفان على الكوفة، وكان المُحكّم الذي اختاره علي بن أبي طالب من بين حزبه يوم صفين، وينتمي عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر إلى قبيلة الأشعريين القحطانية اليمانية.