الدكرورى يكتب عن حذيفة بن اليمان العبسي “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع حذيفة بن اليمان العبسي، وكان قد قتل رجلا فهرب إلى يثرب وحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان، لحلفه اليمانية وهم الأنصار، ثم تزوج امرأة منهم وهي الرباب بنت كعب الأشهلية، فأنجبت حذيفة وسعد وصفوان ومدلج وليلى، وقد أسلمت الرباب وبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولليمان ابنتان أخرتان هما فاطمة، وأم سلمة، وقد واجه والده اليمان مشكلة الطلب بثأر عليه أجبره على الهرب وترك مكة واللجوء للعيش مع عائلته في يثرب، وعندما أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم، دعوته للإسلام في مكة جاءه اليمان مع بقية من أهل يثرب من الأوس والخزرج وبايعوه ولم يكن حذيفة معهم ولكنه أسلم قبل مشاهدة النبى صلى الله عليه وسلم.
وعندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأله حذيفة هل هو يحسب من المهاجرين أم من الأنصار, فقال له رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، أنت يا حذيفة من المهاجرين والأنصار، وحذيفة بن اليمان هذا كان يعرف كذلك ويكنى بحافظ سر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،، حيث أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كان قد أسر له بأسماء كافة المنافقين المحيطين بهم ولم يفش بهذا السر لأي كان وهذا هو شأن كل حافظ لسر، وكان خليفة المسلمين عمر بن الخطاب عندما يريد أن يصلي على أحد أموات المسلمين يسأل عن حذيفة بن اليمان، وهل هو من ضمن الحاضرين للصلاة وذلك خوفا منه بالصلاة على أحد المنافقين وكان عمر يسأل حذيفة أفي عمالي منافق؟
قال نعم، قال من؟ قال لا أخبرك فحصل ذات يوم جدال بين عمر وأحد العمال فطرده وبعد مرور الأيام عرف أنه هو المنافق، ولقد كان حذيفة في إيمانه وولائه قويا، وقال حذيفة رضى الله عنه، صلى بنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلينا فقال ” من رجل يقوم فينظر ما فعل القوم؟ ثم يرجع، أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة ” فما قام رجل من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد، فلما لم يقم أحد، دعاني، فلم يكن لي بد من القيام، فقال ” ياحذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يفعلون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا ” فذهبت فدخلت فيهم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء، فقال أبو سفيان لينظر امرؤ من جليسه، فأخذت بيد الرجل الذي كان جنبي.
فقلت من أنت؟ فقال فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلي أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني لقتلته بسهم، فقال حذيفة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مرحل، فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه ولما أخبرته الخبر.
وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم، وكان حذيفة بن اليمان يسأل عن الشر، فعن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ فقال صلى الله عليه وسلم “نعم” قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال “نعم، وفيه دخن” قلت وما دخنه؟ قال “قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر” قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال “نعم، دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها”
فقلت يا رسول الله، صفهم لنا فقال صلى الله عليه وسلم “هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا” قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم” قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال “فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”