الدكرورى يكتب عن حكيم بن جبلة العبدى ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
ومازال الحديث موصولا عن الفتنة الكبرى ومقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقد ساروا قتلة عثمان رضى الله عنه، من مصر إلى المدينة النبوية الشريفة، عاصمة الخلافة، وموطن الخليفة، فوصلوها وقد أضمر رؤوسهم الشر، وتشرب أتباعهم الفتنة، فوقعت أمور عظائم، وكثرت الأقاويل والشتائم التي أوذي فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه إيذاء شديدا، حتى وقفوا عليه يوم الجمعة وهو يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاطعوه في خطبته بالسب والشتيمة، ثم حصبوه بالحصى فشجوه وأدموه، وخر مغشيا عليه رضي الله عنه، وحمل إلى بيته، وهو إمام المسلمين في وقته, فطمع فيه الخوارج أكثر من ذي قبل.
وخصوصا أن أكثر الصحابة رضي الله عنهم كانوا في الحج وفي الثغور، والبقية الباقية منهم في المدينة لا تكفي لرد عدوان الخوارج، فحاصروا عثمان بن عفان رضي الله عنه في بيته، ومنعوا عنه الماء الحلو، فشرب الماء المالح في حصاره، وحالوا بينه وبين الصلاة في المسجد، وهو إمام المسلمين، أيفعل ذلك بعثمان بن عفان رضي الله عنه وهو المبشر بالجنة، وقد زوجه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ابنتيه الواحدة تلو الأخرى، وجهز جيش العسرة من خالص ماله حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم” وأما عن الحديث فى هذا المقال عن رجل قيل عنه هو الأمير، وأحد الأشراف الأبطال وكان ذا دين وتأله.
وقد أمره الخليفه عثمان بن عفان رضى الله عنه، على السند مدة ، ثم نزل البصرة، وكان أحد من ثار في فتنة الخليفه الراشد عثمان بن عفان، فقيل أنه لم يزل يقاتل يوم الجمل حتى قطعت رجله، فأخذها، وضرب بها الذي قطعها، فقتله بها، وبقي يقاتل على رجل واحدة ويرتجز، ويقول، يا ساق لن تراعي إن معي ذراعي أحمي بها كراعي، فنزف منه دم كثير، فجلس متكئا على المقتول الذي قطع ساقه، فمر به فارس فقال له من قطع رجلك ؟ قال وسادتي، فما سمع بأشجع منه، ثم شد عليه سحيم الحداني، فقتله وهو من بنى غنم بن وديعة بن لكيز، وقد عده أبو عمرو بن عبد البر والفيروز آبادي وغيرهما من العلماء في الصحابة، وكان رجلا صالحا شجاعا مذكورا مطاعا في قومه.
وقد أرسله الخليفة الراشد عثمان بن عفان حاكما على السند، في أيام خلافته فلم يلبث ان انقلب راجعا عنها كارها لولايتها وجاء إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه، فسأله عنها فقال ماؤها وشل ولصها بطل وثمرها دقل وسهلها جبل ان كثر الجند بها جاعوا وان قلوا ضاعوا، وكان هذا الرجل هو من شنع على الخليفة الراشد عثمان بن عفان لسوء أعماله وهو من خيار أصحاب أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام، وكان مشهور بولائه والنصح له، وفيه يقول أمير المؤمنين على بن أبى طالب ما ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد، دعا حكيم دعوة سميعة، نال بها المنزلة الرفيعة، فهو حكيم بن جبلة بن حصن بن أسود بن كعب العبدي من بني عبد القيس.
وهم قبيلة عبد القيس من أسد ربيعة، من عدنان، والنسبة إليه عبدي، وقيسي، أوعبد قيس، واقتصر ابن الأثير على عبدي، وقد كانت ديار بنيه بتهامة، ثم خرجوا إلى البحرين، واستقروا بها، وهم بطون كثيرة، وتنتسب القبيلة إلى عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وحكيم بن جبلة العبدي من قبائل عبد القيس ، وأصلهم من عمان وسواحل الخليج العربي، وتوطن بالبصرة بعد تمصيرها، وكان حكيم هذا شابا جريئا، وكانت الجيوش الإسلامية التي تزحف نحو الشرق لنشر الدعوة والفتوح تصدر عن البصرة والكوفة، فكان حكيم بن جبلة يرافق هذه الجيوش، ويجازف في بعض حملات الخطر.