ملخص تاريخ المجاعات فى مصر
متابعة/ أيمن بحر ملخص تاريخ المجاعات فى مصر سجل قدماء المصريين جميع الأحداث فى عصورهم حتى يستفيد منها الأجيال التالية يوجد للوح تم اكتشافه في منطقة شاطئ الجزيرة فى الصعيد يتحدث عن مجاعة حدثت فى أيام الملك زوسر من الأسرة الثالثة واستمرت لمدة سبع سنوات وهذا اللوح يضيف لمجموعته الهرمية الفريدة بسقارة بعداً لأعماله فقد ارتبط اسم الملك زوسر بنص منقوش على صخرة فى جزيرة سهيل جنوب أسوان وهو المعروف بلوحةالمجاعة ..وتحكي تلك القصة عن مجاعة حدثت فى عهد الملك زوسر لمدة سبع سنوات والذي استبد به الضيق فطلب من رئيس كهنته تقصي الأمر ليأتيه الخبر بأن قرية آبو عاصمة الإقليم الأول هي التي تمنع تدفق مياه النيل وفى منامه يأتيه خنوم والذى جاء يذكره بقوته وسيطرته على منابع النيل مما حدا الملك أن يسترضيه بتخصيص مساحات عديدة من الأوقاف وتقديم القرابين اللازمة له وهذه القصة ليست معاصرة لعهد الملك زوسر ولكن كُتبت فى العهد البطلمي كدعاية دينية لكهنة المعبود خنوم فى مواجهة اذدياد شعبية المعبودة إيزيس وتأكيداً لإهتمام الملوك منذ أقدم العصور ومنذ عهد جسر على معبودهم خنوم.
لم يعان أى شعب فى العالم من المجاعات مثلما عانى منها المصريون فنقرأ فى بردية من 17 صفحة كتب الحكيم المصري القديم أيبوور عن أحداث أول ثورة جياع وقعت فى مصر تلك البردية تم العثور عليها عام 1828 وموجودة الآن في متحف لاهاي بهولاندا. يحكي فيها أيبوور كيف أصبحت البلاد فى عهد بيبى الثانى ( 2278-2247 ق.م,) فى حالة ضعف وفوضى شاملة « فامتلأت البلاد بالعصابات، وامتنع الناس عن الذهاب للحقول ودفع الضرائب وتوقفت التجارة مع البلاد المحيطة، وهجم الناس على مخازن الحكومة واعتدوا على مقابر الموتى وصبوا غضبهم على قصور الأغنياء وانهارت الحكومة المركزية، وظهرت مقولات مثل الأرض لمن يحرثها حتى اضطر رجال الدين ومَنْ تبقى من الأغنياء للهجرة
وذكر المؤرخ «تقى الدين المقريزي (1364 – 1445م)» فى كتابه: إغاثة الأمة بكشف الغمة قرابة ستة وعشرين مجاعة تعرَّض لها المصريون
وأشار المقريزى إلى أن المجاعات فى مصر استمرت منذ إنهيار الدولة القديمة حتى بدايات الأسرة 12 حتى أنه فى القرن العشرين قبل الميلاد بدأ كل أمير يعزل مقاطعته عن بقية المقاطعات الجائعة.. وظهر على المسلات تفاخر الأمراء بإبقائهم رجالهم ومحاصيلهم وحيواناتهم على قيد الحياة.. وفى زمن حكم الفاطميين في مصر (1036-1094م) عندما توقف النيل عن الزيادة.. عمت المجاعات وانتشرت السرقات وإرتفعت الأسعار.. واختفى القمح، وإضطرب حبل الأمن وخطفت النساء من الطرقات ولجأ الناس إلى أكل الكلاب والقطط.. ووصل سعر الكلب إلى خمسة دنانير بينما سعر القط ثلاثة!! وكثر الغش والفساد ممَّا اضطر (الحاكم بأمر الله) إلى أن يمتطى حصانه ويدور فى الأسواق لضبط الغشاشين بنفسه وبعدما أصدر الحاكم تعليماته إلى رجاله وقام بتأديب كل من إستغل معاناة الناس هدأت الأسعار ولكنها عاودت الإرتفاع بعد وفاة الحاكم بأمر الله وعادت المجاعة من جديد بعد أن ضعفت سلطة خلفه الظاهر لإعزاز دين الله!.. الذي لم يكن يشعر بآلام الناس وصرخات الجوعى التى ملأت الكون وأدت إلى وفاة الآلاف. واستمر الإحتكار والتلاعب بالأسعار، وفى عام 414 هـ (1024م)، إزدادت حدة المجاعة وكثر ضجيج الناس واستغاثتهم إلى الله من على جبل المقطم..
غير أن أخطر ما تعرضت له مصر فى ذلك الزمن هو ما يسمى بالشدة المستنصرية التى بدأت 456هـ/ 1064م وهى إحدى المجاعات التى حدثت أيام (المستنصر) الخليفة الفاطمي الخامس فى مصر واستمرت سبع سنين .. ويصفها المقريزى فى كتابه بقوله: «أنه قد استولى الجوع على الناس فأكلوا القطط والكلاب واختطف الانسان من الطرقات ليؤكل.. فوقف الناس فى العراقات يأكلون من ظفروا به ويخطفون الآدميين بالكلاليب وبيع لحم الإنسان عند الجزارين وأكل الناس الجيف.. وأكل بعضهم بغلة الوزير نفسه.. فلما شنق الذين اتهموا بأكلها، لم يتورع الناس عن أكل جثثهم تحت ظلام الليل».ولفت المقريزى فى كتابه إلى حدوث مجاعة مشابهة «أيام الحافظ لدين الله وفى عهد الفائز وفى سلطة العادل أبى بكر الأيوبى سنة 596هـ (1200م) بسبب توقف النيل عن الزيادة، فأكل الناس صغار بنى آدم من الجوع فكان الأب يأكل ابنه مشويا ومطبوخا والمرأة تأكل ولدها، وكان يدخل الرجل دار جاره فيجد القدر على النار فينتظرها حتى تتهيأ فإذا هى لحم طفل».
وفى عهد المماليك ما بين عامى 1780 ـ 1784 مرت البلاد بمجاعة أخرى جعلت الفلاحين يتركون اراضيهم هرباً من دفع المال للبكوات.. وإنخفض سعر«العملة» 54% وقتل الجوع سدس سكان مصر.. وبلغت البلاد من الفقر لدرجة ارسلت الأستانة قوات بقيادة غازى باشا عام 1786 لتحصيل صرة المال للباب العالى.. فقام الباشا بإعدام الفلاحين وجلدهم وأهان رجال الأزهر.