نبي الله داود عليه السلام ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 1″

إن الله عز وجل أرسل العديد من الرسل والأنبياء لهداية قومهم وتذكيرهم بوجود الخالق وحده لا شريك له، وأنزل عليهم العديد من الكتب السماوية كمعجزات وكطريق لتعليمهم أسس دينهم والطرق الصحيحة في تطبيقه، فكان أكثرهم يكفرون ولا يؤمنون في ذلك، ومنهم قوم عاد الذي تحدثنا عنهم فى المقال الأخير حيث أرسل الله تعالى لهم نبى الله هود عليه السلام، وقد ذكر ابن كثير أن اسم نبى الله هود كاملا وهو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، وهو من أصل عربي وقد نشر رسالته الدينية في منطقة الأحقاف التي تقع جنوب الجزيرة العربية، التي كان بها قوم عاد وكانوا يعبدون ثلاث أصنام، وفي يومنا هذا فإن المنطقة خالية تماما من السكان ومن الديار، وأصبحت صحراء قاحلة، قد دعا نبى الله هود قوم عاد بأن يؤمنوا بالله تعالى وحده لا شريك له.

وأن يتركوا عبادة الأصنام التي لا تفيدهم ولا تضرهم بشيء، فما كان منهم إلا أن كذبوه واستهزؤوا به وبدعوته، وأصروا على العناد والكفر، وخاصة أنهم كانوا يتصفون بعدة صفات جعلتهم يظنون أنفسهم أنهم مخلدون، ولا يعلمون أن الله تعالى هو الذي أمدهم بذلك وبقدرته أن يزيل النعمة عنهم متى شاء، وكان قوم عاد شديدون البطش، وأقوياء وأشداء في قامة الجسم، مترفون وأغنياء، فأمدهم الله تعالى بالجنات والعيون والأنعام والبنين، وكان بناؤهم شامخ وعالى، وقصورهم ضخمة، والتي كان يقصد بها التباهي والتفاخر، فكانت مدينتهم لا تضاهي أيّا من المدن المجاورة في وقتها، وكانوا يعبدون ثلاثة أصنام تسمى هرا، وصمودا، وصدا، وكانوا ينكرون وجود الآخرة، ويقولون أن الحياة فقط محصورة بالدنيا، وذلك ما كان عليهم آباءهم من قبلهم.

وقد حاول نبى الله هود عليه السلام هدايتهم مرة أخرى وتذكيرهم أن ما هم فيه من قوة جسدية، ومن أنعام وقصور هو من الله عز وجل، فما زادهم ذلك إلا إصرار على الكفر والعناد، ليكون عقاب الله سبحانه وتعالى، والذي كان بإرسال سحاب عليهم، فلما رأوه فروحوا واعتقدوا أن بتلك السحاب الخير، إلا أنها كانت محملة برياح قوية أهلكتهم في سبع ليالى وثمانية أيام، لتقتلهم وتهدم جميع ما بنوه من قصور ومبانى، وقد أنجى الله تعالى نبيه هود ومن آمن معه الذين كانوا يتصفون بقلة العدد، وأما حديثنا فى هذا المقال هو عن نبى الله داود عليه السلام، ونبي الله داود هو داود بن إيشا بن عويد بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عمي نادب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم، وكان عليه السلام نقي القلب طاهر، قصير الجسد قليل الشعر.

وقد جمع الله تعالى له خير الدنيا والآخرة وهما النبوة والملك، فكان الملك فيما سبق في سبط والنبوة في سبط آخر، حيث مال بنو إسرائيل له وملكوه عليهم بعدما خرج في جيش طالوت مواجها جيش جالوت فقتله بعد مبارزته وهذا الغالب، وقيل أن شمويل ولاه قبل الواقعة، وقد كان عليه السلام صانعا للدروع، فيأكل من عمل يده، وقد منّ الله عليه بصفات جعلت منه قائدا ناجحا، حيث أعطاه الملك والحكمة في الحقوق وعدل قضاء الله ونور البصيرة، إضافة إلى العلم الشرعي الذي تبلور بعد أن أنزل الله عليه كتابه الزبور، والعلم المادي كصناعة الدروع، وتعبّد نبى الله داوود لله تعالى لقد ذكر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ما تميّز به أخيه نبي الله داوود في تأدية العبادات، التي لها ميزات وخصائص جعلت منه أعبد الناس.

كما وصفه الرسول الذي اعتاد على مدح وذكر ما يتفوّق به أنبياء الله تعالى، فقد كان صيام داوود أحب الصيام إلى الله، حيث يصوم نصف الدهر فيفطر يوم ويصوم يوم، أمّا قيام الليل فكان ينام نصف الليل الأول ثم يستيقظ قيقوم من النصف الثاني من الليل بما قدره الثلث، ثم ينام ما بقي من الليل حتى طلوع الفجر، وهذا ما كان يفعله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويعد نبى الله داود عليه السلام هو أحد الأنبياء الكرام وقد أنزل عليه الزبور وهى المزامير، ويدّعي المعتقد اليهودي أن نبى الله داود عليه السلام هو مرتكب زنا وقاتل، حيث هذا ما يؤمن به المسيحيون واليهود، أما في الديانة الإسلامية فهو نبي ولا يرتكب مثل ذلك من حيث عصمة الأنبياء الكرام، ويظهر في القرآن الكريم جالوت الذي هو نفسه جليات عند اليهود الذي قتله نبى الله داود عليه السلام.