الدكرورى يكتب عن سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع سعد بن الربيع الأنصاري، وقد روى محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أنس بن مالك قال لما قدم عبد الرحمن بن عوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، آخى بينه وبين سعد بن الربيع، قال فانطلق به سعد إلى منزله فدعا بطعام فأكلا وقال له، لي امرأتان وأنت أخي في الله لا امرأة لك فأنزل عن إحداهما فتزوجها، قال لا والله، فقال هلمّ إلى حديقتي أشاطركها، قال فقال لا، بارك الله في أهلك ومالك، دلوني على السوق، قال فانطلق عبد الرحمن فاشترى سمنا وأقطا وباع، قال فلقيه النبى صلى الله عليه وسلم، في سكة من سكَك المدينة وعليه وضر من صفرة، قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تزوجت؟ ” قال يا رسول الله نعم تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أولِم ولو بشاة ” ولقد ملك حب النبي صلى الله عليه وسلم، قلوب أصحابه رضى الله عنهم أجمعين حتى قادهم هذا الحب إلى أن يضحوا بأنفسهم فداء للنبي صلى الله عليه وسلم، وممن ملك الحب قلوبهم هو الصحابى الجليل سعد بن الربيع، فيقول زيد بن ثابت رضى الله عنه، بعثني النبي صلى الله عليه وسلم، يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي “إن رأيته فأقرأه مني السلام، وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كيف تجدك؟” فيقول زيد بن ثابت فطفت بين القتلى فأصبته وهو في آخر رمق، وبه سبعون ضربة فأخبرته فقال على رسول الله السلام وعليك، قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار.
“لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيكم شفر يطرف” وقال زيد وفاضت نفسه رضى الله عنه، ونقل ابن عبد البر عن مالك بن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من يأتينا بخبر سعد؟” فقال رجل أنا، فذهب يطوف بين القتلى فوجده، وبه رمق، فقال له بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، لآتيه بخبرك، قال “فاذهب فأقرأه مني السلام وأخبره أنني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وقد أنفذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواحد منهم حي” فهو من الصحابة الأخيار، فهو في تلك اللحظات التي يودع فيها الدنيا لم يفكر في زوجته ولا في أولاده، وإنما ظل فكره مشغولا بمصير الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقد أنساه حبه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم، كل شيء حتى نفسه، وظل حتى فارق الدنيا وهو شديد الخوف على النبي صلى الله عليه وسلم، وشديد الحرص على أن لا يمس بسوء، وأما عن زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري فهو صحابي جليل وكاتب الوحي، وشيخ المقرئين، ومفتي المدينة، وقد روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه القرآن الكريم بعضه أو كله، وكان زيد مثقفا وتفوق في العلم والحكمة، وحين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز، يقول زيد أُتى بى النبى صلى الله عليه وسلم، مقدمه المدينة، فقيل هذا من بني النجار.
وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال “تعلم كتاب يهود، فإنى ما آمنهم على كتابي” ففعلت، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، أى تعلمته فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له، ثم طلب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يتعلم السريانية، فتعلمها في سبعة عشر يوما وكان يتابع وحي القرآن حفظا، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، كل مانزل الوحي عليه، بعث إلى زيد فكتبه، وأما عن أبى بن كعب فهو صحابي وقارئ وفقيه وكاتب للوحي وراوي للحديث النبوي من الأنصار من بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار من الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وشهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها.