سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع سعد بن الربيع الأنصاري، فندموا جميعا على ما صنعوا وقالوا ما كَان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه وامضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم، ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية، فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر، ويقال إلى سعد بن عبادة، ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين، ويقال إلى مصعب بن عمير، وقد استخلف على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسه وتنكب القوس.

 

وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع، وخرج السعدان أمامه يعدوان، سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وكل واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله، فمضى حتى إذا كَان بالشيخين، وهما أطمان التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما هذه؟ قَالوا حلفاء ابن أَبِي من يهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك، وعرض من عرض بالشيخين فرد من رد وأجاز من أجاز، وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلا فِي بني النجار.

 

واستعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين رجلا يطيفون بالعسكر، وكان المشركون قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث راح ونزل، فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين، وأدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ودليله أَبو حثمة الحارثي فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة، وهو يرى المشركين، فأمر بلالا وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفا، وانخزل ابن أبي من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له، وانخزل معه ثلاثمائة، فبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى سبعمائة.

 

ومعه فرسه وفرس لابي بردة بن نيار وأقبل يصف أصحابه ويسوى الصفوف على رجليه، وجعل ميمنة وميسرة وعليه درعان ومغفر وبيضة، وجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة، وجعل عينين جبلا بقناة عَن يساره وجعل عليه خمسين من الرماة، واستعمل عليهم عبد الله بن جبير وأوعز إليهم فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وأقبل المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أَبِي جهل ولهم مجنبتان مائتا فرس وجعلوا على الخيل صفوان بن أمية.

 

وهكذا مرت المعركة، وقد مرّ رجل من المهاجرين يوم أحد على رجل من الأنصار وهو يتشحّط في دمه، فقال له يا فلان، أشعرت أن محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل؟ فقال الأنصاري إن كان محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل فقد بلغ الرسالة، فقاتلوا عن دينكم، فنزلت الآية الكريمة فى سورة آل عمران ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ” وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لطلب سعد بن الربيع رضي الله عنه، وقال لي إن رأيته فأقرأه مني السلام، وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم “كيف تجدك؟” قال زيد، فجعلت أطوف بين القتلى، فأصبته وهو في آخر رمق.