الدكرورى يكتب عن راحيل أم يوسف عليه السلام ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع راحيل أم يوسف عليه السلام، وأوحى الله تعالي إلى يعقوب أن يرجع إلى بلاد أبيه في المقدس ويترك العراق وهمس يعقوب إلى أهله وأولاده بما أوصاه ربه، فامتثلوا لأمره، وأجابوه طائعين، وفي مقدمتهم راحيل وعندئذ حمل يعقوب أهله وماله وانطلق نحو بلاد أبيه، بينما أخذت راحيل أصنام أبيها لتلقيها في النهر، ولم يشعر أحد بما صنعت راحيل وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق عليهما السلام فأقام عنده في قرية حيرون في أرض كنعان، وهناك حملت راحيل فولدت غلاما هو بنيامين وهو شقيق يوسف عليه السلام وكانت راحيل عونا لنبي الله يعقوب عليه السلام عند فقد يوسف عليه السلام، فكافأها الله على صبرها بأن صارت أما لنبي وأما لملك مصر.
وعاشت في كنفه راضية حتى توفاها الله تعالى ويقال إنها توفيت بمصر، ولكن أغلب الظن أنها عادت إلى بيت المقدس لتموت وتدفن هناك، وقيل أنه توفيت راحيل حين اشتد ألم الولادة بها أثناء إنجابها لابنها الثاني بنيامين، ودفنها زوجها النبي يعقوب عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين، وأكثر زوار القبر هم من اليهود، حيث يذهبون إليه لقراءة الكتب المقدسة، وقيل أنه أحب نبى الله يعقوب راحيل، أو راشيل كما تنطق فى اللاتينية، وكانت السيدة راحيل تماما مثل السيدة سارة التى لم يكن حملها بسيطا أو سريعا على عكس أختها ليا التى أنجبت بسرعة وقد فسر علماء الدين تأخر إنجاب السيدة سارة والسيدة راحيل بأمرين أولهما أنه يعظم من إيمانهما وإيمان من هم حولهما بقدرة الخالق سبحانه تعالى.
التى يجب أن نؤمن أنها تتجلى عندما يشاء سبحانه ومهما كانت الظروف وثانى الأسباب أنه يجعل هذا المولود الذى أتى بعد طول انتظار مميزا، وقد حدث ولكن حدث بعد أن رُزقت زوجة يعقوب الأولى واثنتان من جاريات الزوجتين بالأولاد صبرت راحيل رغم غيرتها الشديدة إلى أن رزقها الله بيوسف وبعد يوسف قرر يعقوب العودة بعائلته إلى فلسطين، وترتبط براحيل حكاية عند اليهود تقول إنه عندما قرر يعقوب العودة إلى وطنه الأول فلسطين قامت راحيل بأخذ بعض التماثيل الذهبية التى كانت ملكا لأبيها لابان لأنه لم يكن قد أعطاها ورثها عن أمها دون أن تخبر أحدا، وخبأتها وقد لاحقهم لابان وعندما سمع يعقوب التهمة الموجهة إليه بالسرقة دعا على من أخذ التماثيل بالموت.
وكانت راحيل فى مرحلة الولادة فتعذبت كثيرا ثم أسلمت روحها لله، وتركت يوسف وبنيامين اللذين أحبهما والدهما حبا شديدا نابعا من حبه لوالدتهما، ودفنها يعقوب بنفسه فى منطقة الخليل فى فلسطين وكتب على يعقوب أن يعيش محروما من المرأة التى أحبها وبعدها من أحب أولاده له، وقيل أنه عندما كان يعقوب بن إسحاق عليهما السلام أحب إلى أمه رفقة بنت بتوئيل من أخيه العيص فرتبت له أمه دعوة صالحة من أبيه إسحاق كان قد نودي بها لابنه العيص، ولما كانت الدعوة من نصيب يعقوب عليه السلام خشيت أمه عليه من أخيه العيص أن يقتله فأوصته باللحاق بخاله لابان بن ناهر والإقامة معه في بلدته فدان آرام بالعراق، وانطلق يعقوب إلى خاله مزودا بنصيحة من أبيه أن يتزوج من بنات خاله ولا يتزوج من بنات كنعان.
وكان خاله لديه ابنتان، ليا وهي الابنة الكبرى، وراحيل الابنة الصغرى التي فاقت أختها جمالا ونقاء وذكاء، وكانتا في سن الزواج، وقيل أن نبى الله يعقوب ظل يخدم خاله سبع سنوات أخرى يرعى الغنم ويكد ويتعب لكي يتزوج راحيل، وفي خلالها ولد ليعقوب بضعة أولاد من زوجته ليا، لكنه كان مصرا على الزواج بمن أحبها، وخفق قلبه لها حتى وصل إلى مبتغاه وتزوج راحيل، وكانت راحيل عاقرا لا تحمل، فدعا يعقوب ربه أن يهب له غلاما من راحيل وما كان من السيدة راحيل إلا أن توجهت هي أيضا إلى الله تسأله الولد الصالح، حتى استجاب لهما الله ووهبهما سيدنا يوسف عليه السلام، طفلا جميلا أشبه بجدته السيدة سارة زوجة الخليل إبراهيم عليه السلام، وغلاما شريفا، لهذا كان أقرب أبناء يعقوب إلى قلبه.