الدكرورى يكتب عن أبو عبد الله شرحبيل بن حسنة ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع أبو عبدالله شرحبيل بن حسنة، وقيل أنه عندما أراد أبا بكر الصديق غزو الروم جاءه شرحبيبل بن حسنة رضي الله عنهما وأرضاهما، فسأله عن ذلك، فقال أبو بكر الصديق نعم لقد حدثت نفسي بذلك ولم أطلع عليه أحد، وما سألتني عنه إلا لشيء، فقال شرحبيل، أجل يا خليفة رسول الله، وقد قص عليه رؤيا كان قد رآها في منامه وكان تأويلها بشرى بالفتح لبلاد الشام بالإضافة إلى نعي أبو بكر لاقتراب أجله، وقد أغار شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه على ساسمة مصبحا، فقال للمسلمين الَّذين كانوا معه صلو على الظهر، لكنه عندما مر بالأشتر وجده يصلى على الأرض، فقال شرحبيل بن حسنة، مخالف خالف الله به.
ثم مضى بمن معه فاستحوذ على ساسمة فخرَّبها، وما زالت خراب إلى هذا اليوم، وكان رضي الله عنه يتميز بالشجاعة والإقدام ويشهد له بذلك جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفى أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع وكان صريحا لا يخشى في الحق أحدا، فقد خطب عمرو بن العاص لما انتشر مرض الطاعون بالشام، فقال إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا في هذه الشعاب وفى هذه الأودية، فبلغ ذلك شرحبيل فغضب وجاء وهو يجر ثوبه معلقا نعله بيده، وقال لعمرو بن العاص إن الطاعون وقع فقال عمرو بن العاص.
إنه رجس فتفرقوا عنه، وقال شرحبيل بن حسنة إني قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من جمل أهله وربما قال شعبة أضل من بعير أهله وإنه قال إنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه، قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال صدق، وكان الصحابى شرحبيل رضي الله عنه يجيد القراءة والكتابة، فقد كان من كتاب الوحي، وكان الموقف الذى حدث منه هو موقف يدل علي حبه للنبي صلي الله عليه وسلم، وأنه يفضله علي نفسه فعن الشفاء ابنة عبد الله قالت جئت يوما حتى دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم، فسألته وشكوت إليه فجعل يعتذر إلي وجعلت ألومه، قالت، ثم حانت الصلاة الأولى فدخلت بيت ابنتي وهي عند شرحبيل بن حسنة.
فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه و قلت حضرت الصلاة و أنت هاهنا فقال، يا عمه لا تلوميني فقد كان لي ثوبان فاستعار أحدهما النبي صلى الله عليه و سلم، فقلت بأبي وأمي أنا ألومه وهذا شأنه فقال شرحبيل إنما كان أحدهما درعا فرقعناه، وكان الصحابى الجليل شرحبيل رضي الله عنه هو الذي أخذ أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان من الحبشة بعد أن تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد زوجها إياه عثمان بن عفان وهي بنت عمته أمها ابنة أبي العاص وقد زوجها إياه النجاشي وجهزها إليه وأصدقها أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان بن عفان لحما وثريدا وبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحبيل بن حسنة فجاء بها.
وإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما حدث نفسه أن يغزو الروم لم يطلع عليه أحد إذ جاءه شرحبيل بن حسنة، فجلس إليه فقال يا خليفة رسول الله تحدثك نفسك أنك تبعث إلى الشام جند؟ فقال نعم قد حدثت نفسي بذلك وما أطلعت عليه أحدا وما سألتني عنه إلا لشيء قال أجل يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تمشي في الناس فوق حرشفة، والحرشفة هى الأرض الغليظة من الجبل، ثم أقبلت تمشي حتى صعدت قنة، وقنة وهى القن بالضم وهو الجبل الصغير من القنان العالية فأشرفت على الناس ومعك أصحابك ثم إنك هبطت من تلك القنان إلى أرض سهلة دمثة، ودمثة من دمث المكان وغيره كفرح سهل ولان والدماثة سهولة الخلق، وفيها الزرع والقرى والحصون فقلت للمسلمين شنوا الغارة على أعداء الله.