الدكرورى يكتب عن أبو عبد الله شرحبيل بن حسنة ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع أبو عبدالله شرحبيل بن حسنة، فقلت للمسلمين شنوا الغارة على أعداء الله، وأنا ضامن لكم بالفتح والغنيمة فشد المسلمون وأنا فيهم معي راية فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ثم جئت فأجدك قد جئت إلى حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم، ووضع الله لك مجلسا فجلست عليه ثم قيل لك يفتح الله عليك وتنصر فاشكر ربك واعمل بطاعته ثم قرأ قول الحق سبحانه وتعالى ” إذا جاء نصر الله والفتح ” إلى آخرها ثم انتبهت فقال له أبو بكر الصديق رضى الله عنه، نامت عيناك خيرا رأيت، وخيرا يكون إن شاء الله، ثم قال له أبو بكر الصديق رضى الله عنه بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي ثم دمعت عينا أبي بكر الصديق.
ثم قال أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا وأما نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب والمعاش وأما قولي للمسلمين، شنوا الغارة على أعداء الله فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة فإن ذلك دنو المسلمين إلى بلاد المشركين وترغيبي إياهم على الجهاد، والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها واستأمنوا فأمنتهم فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك.
وأما الحصن الذي فتح الله لي فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي وأما العرش الذي رأيتني عليه جالسا فإن الله يرفعني ويضع المشركين، فقال الله تعالى ليوسف عليه السلام ” ورفع أبويه على العرش ” وأما الذي أمرني بطاعة الله وقرأ علي السورة فإنه نعى إلي نفسي وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة، والصحابى الجليل شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عمرو بن كندة حليف بني زهرة قد مات أبوه وهو صغير فبقي في حجر أمه حتى بعد زواجها وقد تزوجت من سفيان بن معمر الأنصاري، وكان شرحبيل شريفا في قومه من عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد بدأ جهاده عندما شارك الرسول صلى الله عليه وسلم في غزواته، وكانت هذه الغزوات بداية الجهاد الطويل الذي امتد أكثر من عشرين عاما وهو عمر شرحبيل الإسلامي، وكان إسلام شرحيبل عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شرحبيل في العقد الرابع من العمر، وقد نشأ شرحبيل يتيما في بيت سفيان بن معمر بن حبيب الجمحي الذي تزوج أمه حسنة بعد وفاة والده، وكان بين ولدي سفيان بن معمر وهما جابر بن سفيان وجنادة بن سفيان أخاهما لأمهما، وما إن بعث النبى صلى الله عليه وسلم، حتى سارع شرحبيل للدخول في دين الإسلام ولم يكن وحده بل كانت أسرته بأكملها سفيان وأبناؤه وحسنة وشرحبيل.
ولما ازداد ما ينزل بالمسلمين من الأذى وبلغ منهم القتل، والتعذيب والتمثيل مبلغا كبيرا حينئذ أشار عليهم صلى الله عليه وسلم أن يهاجروا في الأرض، ولما جاء استفسارهم إلى أين؟ قال صلى الله عليه وسلم، إلى بلاد الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه فخرج فريق من المسلمين عند ذلك إلى ارض الحبشة مخافة الفتنة وفروا إلى الله بدينهم، وخرج المسلمون في هجرتين كانوا في الأولى أحد عشر رجلا وأربع نساء تسللوا من مكة خفية وتحت جنح الظلام ثم أقاموا في خير جوار من النجاشي حتى ترامى إليهم أن المسلمين بمكة أصبحوا بمأمن من أذى قريش فعادوا فوجدوا قريشا أشد عنتا واكثر أذى عن ذي قبل.