الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، وسارت فرقة إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بأخيه حبال، فكان عليهم وعلى من معهم من الدئل وليث ومدلج، وأرسلوا إلى المدينة يبذلون الصلاة ويمنعون الزكاة، فقال الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه والله لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة وردهم، فرجع وفدهم، فأخبروهم بقلة من في المدينة وأطمعوهم فيها، وجعل أبو بكر بعد مسيرة الوفد على أنقاب المدينة عليا وطلحة والزبير وابن مسعود، وألزم أهل المدينة بحضور المسجد خوف الغارة من العدو لقربهم، فما لبثوا إلا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل، وخلفوا بعضهم بذي حسى، ليكونوا لهم ردءا، فوافوا ليلا الأنقاب وعليها المقاتلة فمنعوهم.
وأرسلوا إلى أبي بكر الصديق رضى الله عنه بالخبر، فخرج إلى أهل المسجد على النواضح، فردوا العدو واتبعوهم حتى بلغوا ذا حسى، فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها وفيها الحبال، ثم دهدهوها على الأرض، فنفرت إبل المسلمين وهم عليها، ورجعت بهم إلى المدينة، ولم يصرع مسلم، وظن الكفار بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى أهل ذي القصة بالخبر، فقدموا عليها، وبات الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه يعبي الناس، وخرج على تعبية يمشى، وعلى ميمنته النعمان بن مقرن، وعلى ميسرته عبد الله بن مقرن وعلى أهل الساقة سويد بن مقرن، فما طلع الفجر إلا وهم والعدو على صعيد واحد، فما شعروا بالمسلمين حتى وضعوا فيهم السيوف، فما ذر قرن الشمس حتى ولوهم الأدبار.
وغلبوهم على عامة ظهرهم، وقتل رجال، واتبعهم أبو بكر الصديق رضى الله عنه حتى نزل بذي القصة، وكان أول الفتح، ووضع بها النعمان بن مقرن في عدد، ورجع إلى المدينة، فذل له المشركون، فوثب بنو عبس وذبيان على من فيهم من المسلمين فقتلوهم، فحلف أبو بكر ليقتلن في المشركين بمن قتلوا من المسلمين وزيادة ، وازداد المسلمون قوة وثباتا، وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على صدقة الناس، بهم صفوان والزبرقان بن بدر وعدي بن حاتم، وذلك لتمام ستين يوما من مخرج أسامة، وقدم أسامة بعد ذلك بأيام، وقيل كانت غزوته وعوده في أربعين يوما، فلما قدم أسامة استخلفه أبو بكر الصديق رضى الله عنه على المدينة وجنده معه، ليستريحوا ويريحوا ظهرهم، ثم خرج فيمن كان معه.
فناشده المسلمون ليقيم، فأبى وقال لأواسينكم بنفسي وسار إلى ذي حسى وذي القصة حتى نزل بالأبرق، فقاتل من به، فهزم الله المشركين وأخذ الحطيئة أسيرا، فطارت عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر الصديق رضى الله عنه بالأبرق أياما، وغلب على بني ذبيان وبلادهم، وحماها لدواب المسلمين وصدقاتهم، ولما انهزمت عبس وذبيان رجعوا إلى طليحة وهو ببزاخة، وكان رحل من سميراء إليها، فأقام عليها، وعاد أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى المدينة، فلما استراح أسامة وجنده، وكان قد جاءهم صدقات كثيرة تفضل عليهم قطع أبو بكر الصديق رضى الله عنه البعوث وعقد الألوية، فعقد أحد عشر لواء، عقد لواء لخالد بن الوليد وأمره بطليحة بن خويلد، فإذا فرغ سار إلى مالك بن نويرة بالبطاح إن أقام له.
وعقد لعكرمة بن أبي جهل وأمره بمسيلمة، وعقد للمهاجر بن أبي أمية وأمره بجنود العنسي، ومعونة الأبناء على قيس بن مكشوح، ثم يمضي إلى كندة بحضرموت، وعقد لخالد بن سعيد، وبعثه إلى مشارف الشام، وعقد لعمرو بن العاص وأرسله إلى قضاعة، وعقد لحذيفة بن محصن الغلفاني وأمره بأهل دبا، وعقد لعرفجة بن هرثمة وأمره بمهرة، وأمرهما أن يجتمعا وكل واحد منهما على صاحبه في عمله، وبعث شرحبيل بن حسنة في أثر عكرمة بن أبي جهل وقال إذا فرغ من اليمامة فالحق بقضاعة وأنت على خيلك تقاتل أهل الردة، وعقد لمعن بن حاجز وأمره ببني سليم ومن معهم من هوازن، وعقد لسويد بن مقرن وأمره بتهامة باليمن، وعقد للعلاء بن الحضرمي وأمره بالبحرين، ففصلت الأمراء من ذي القصة.