الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزءالجزء العاشر مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، والنكال الذي ليس وراءه نكال وكفى به جرما وخبالا أنه اتهام لأحكم الحاكمين في اختياره واصطفائه من يشاء من عباده، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة القصص ” ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون” ومن حكمة الحكيم العليم، ورحمته بأمة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، أن أنبأه نبأَ هؤلاء الدجاجلة قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، لتحذر فتنتهم، وتتقى ضلالتهم، ونعوذ به سبحانه من همزات الشياطين، وروى الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله”
وروى أبو داود والترمذي عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمّتى بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمتى ثلاثون كذابون، كلهم يزعم أنه نبى، وأنا خاتم النبيين، لا نبيّ بعدى” ولم يفارق النبى صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا حتى صدق الله رسوله ما أوحى إليه، فظهر نفر من هؤلاء الدجّالين الذين ادّعوا النبوة، والتقت وساوسهم في أثناء مرضه الأخير صلى الله عليه وسلم منهم مُسيلمة الكذاب صاحب اليمامة، والأسود العنسي صاحب صنعاء اليمن، ومن خبر مسيلمة الكذاب كما في الصحيحين وغيرهما أنه قَدم على عهد النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وجعل يقول إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته.
قدمها في بشر كثير من قومه بني حنيفة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس، وفي يده صلى الله عليه وسلم قطعة جريد، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فقال “لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أَدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت يجيبك عنى” ثم انصرف عنه، وقال ابن عباس رضى الله عنهما فسألت أبا هريرة رضى الله عنه عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وإني لأراك الذي أُريت فيه ما رأيت” فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمّني شأنهما، فأوحى إليّ في المنام أن أنفخهما، فنفختهما فطارا، فأوّلتهما كذابين يخرجان من بعدى أحدهما العنسي، والآخر مُسيلمة”
ولم تظهر شوكة مسيلمة إلا فى عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه، إذ جمع جموعا كثيرة ارتدوا على أعقابهم، وتأهبوا لقتال الصحابة، فجهز لهم الخليفة الأول جيشا بإمرة سيف الله المسلول خالد بن الوليد، فقتل أصحاب الكذاب، ثم كان الفتح بفصل هامة الكفر والضلال، وممن أبلى في فصل هذه الهامة هو وحشى قاتل أسد الله حمزة سيد الشهداء، حيث قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة الكذاب، قلت لأَخرجن إلى مسيلمة لعلى أقتله، فأكافئ به حمزة، قال فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، فإذا رجل قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أَورق، ثائر الرأس، فرميته بحربتى فوضعتها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال، ووثب إليه رجل من الأنصار.
فضربه بالسيف على هامته، وكان وحشى بعد إسلامه، والإسلام يجبّ ما قبله يرهب قتله حمزة على غرّة في غزوة أحد، ويزيد في رهبته وخوفه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحب أن يراه، لأن رؤيته كانت تثير في نفسه الرحيمة مأساة عمه، وحزنه على أحب الناس إليه، لكن الله الذي يُضلّ مَن يشاء ويهدى مَن يشاء وفق قاتل سيد الشهداء لأَن يقتل ألدّ الأعداء، فكان طليحة بن خويلد الأسدي رضوان الله عليه هو من قادة حروب الردة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وقد ادّعى النبوة في قومه بني أسد وتبعه بعض طيء وغطفان في أرض نجد، إلا أنه هزم مع أتباعه على يد خالد بن الوليد في معركة بزاخة ودخل الإسلام على إثر ذلك شارك طليحة في الفتوحات الإسلامية واستشهد في معركة نهاوند سنة واحد وعشرين من الهجرة النبوية الشريفة.