نبي الله أيوب عليه السلام

الدكرورى يكتب عن نبي الله أيوب عليه السلام ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله أيوب عليه السلام

ونكمل الجزء السابع مع نبي الله أيوب عليه السلام، وقال لها لقد بدأ إيمانك يضعف، وضاق بقضاء الله قلبك لئن برئت وعادت إلي القوة لأضربنك مائة عصا وحرام بعد اليوم أن آكل من يديك طعاما أو شرابا أو أكلفك أمرا فاذهبي عنى، وذهبت زوجته وبقي نبى الله أيوب عليه السلام وحيدا صابرا يحتمل ما لا يحتمله الجبال، ونبى الله أيوب عليه السلام هو العبد الصالح الذي ابتلي بأنواع البلاء الشديد فصبر، وأخيرا فزع سيدنا أيوب عليه السلام إلى الله داعيا الله أن يشفيه فاستجاب له الله ويقول الله تعالى ” وأيوب إذا نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر” فقد نادى نبى الله أيوب ربه متضرعا خاشعا متوسلا إليه قائلا إني مسني الشيطان بمشقة وألم شديد في بدني وأصبت في مالي وأهلي وهنا يقول تعالى.

” واذكر عبدنا أيوب إذ نادي ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب” فمد الله إليه يد مساعدته وأرشده إلى أن يضرب الأرض برجله فضربها فتفجرت أمامه عينا ماء فأمره الله أن من عين يغتسل ومن عين يشرب فقال تعالى ” أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ” فذهب ما كان بجسده وذهب كل مرض كان بداخل جسمه، وشفي ظاهره وباطنه ومتعه الله بصحته وماله وقواه حتى كثر نسله وذلك جزاء لصبره ، فقال تعالى “ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب” فقد وهبه الله أضعاف ثروته كرما من عنده ، فلم يعد نبى الله أيوب عليه السلام فقيرا، وعادت إليه صحته بعد طول المرض وشكر أيوب الله تعالى، وكان قد أقسم أن يضرب أمراته مائة ضربة بالعصا عندما يشفى، وها هو قد شفى، فكان الله سبحانه وتعالى.

يعلم أنه لا يقصد ضرب امرأته ولكي لا يرجع في قسمه أو يكذب فيه، فقد أمره الله أن يجمع حزمه من أعواد الريحان عددها مائة ويضرب بها امرأته ضربة واحدة، وبذلك يكون قد نفذ قسمه ولم يكذب، وإن نبي الله أيوب عليه السلام لا يكاد يذكر إلا ويقترن به اسم السيدة رحمة زوجته، وربما يحدث هذا في أغلب سير أنبياء الله تعالى وزوجاتهم إلا أن نبي الله أيوب عليه السلام وزوجه ارتبطا بمصير واحد طوال فترة حياتهما فلا تكاد تذكر قصة واحد منهما إلا وتذكر قصة الآخر معه دون قصد أو تعمد فهما وجهان لعملة واحدة وبطلان لقصة واحدة وشريكان لحياة واحدة استمرت لأكثر من تسعين عاما تقاسما فيها حياة الترف والثروة والصحة والهناء ثم كابدا معا حياة من نوع آخر ربما لا يستطيع أحد تحملها أو حتى تخيلها، فإن هذه الزوجة الرحيمة الحنونة.

تذكر دوما وبقوة وتعتبر مضربا للأمثال لامرأة اشتد بها البلاء وطال بها الشقاء فتعلمت الصبر حتى تعلم الصبر من شدة صبرها عليه، إنها رحمة زوجة نبي الله أيوب عليه السلام، ونبى الله أيوب عليه السلام، وهو من الأنبياء المنصوص على الوحي إليهم فكان يأتيه وحي الله وروحه الأمين جبريل عليه السلام، وكان صاحب رسالة وأمانة لم يفرط فيهما أبدا فيقول تعالى في كتابه الكريم في سورة النساء ” إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب” وإن قصة نبي الله أيوب هي قصة الابتلاء والصبر والإنعام بعد ذلك والفضل وهي أيضا بمثابة دلائل لرحمة الله عز وجل الذي يجزي من صبر ويعطي لمن شكر ويكافئ من ينجح في الاختبار ويصبر على هول الأقدار.

ويقال ان أم نبى الله أيوب عليه السلام هي ابنة نبي الله لوط عليهما السلام وإنه من ذرية إبراهيم ويأتي ذلك في سورة الأنعام، فيقول الله تعالى ” ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون ” فكان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه فكان لديه الأنعام والدواب والمواشي والعبيد والأراضي المتسعة والثروة الوفيرة وكان له زوجة جميلة ذات خلقة حسنة وشعر طويل كانت تجعله ضفيرتين جميلتين يضرب بهما الأمثال وقد اختلف العلماء في اسم زوجة نبى الله أيوب فمنهم من يقول ان اسمها “ليا بنت يعقوب” وقيل إنها رحمة بنت أفراييم وهذا الاسم هو الأكثر شيوعا، وكان للسيدة رحمة ثلاثة عشر ولدا، وكانت رفيعة القدر عالية المكانة يخدمها العبيد والخدم، ورغم شدة ثرائها ووفرة نعمة الله عليها لم يساورها الكبر أبدا، ولا الغرور بل كان شكرها يزيد كلما تزيد نعم الله عليها.