الدكرورى يكتب عن حاتم الطائي ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
حاتم الطائي ” جزء 1″
حاتم الطائي هو شاعر جاهلي، وفارس جواد يضرب المثل بجوده، كان من أهل نجد، وزار الشام فتزوج من ماوية بنت حجر الغسانية، ومات في عوارض، وهو جبل في بلاد طيء من قبيلة طيء ويعتبر أشهر العرب بالكرم والشهامة ويعد مضرب المثل في الجود والكرم، وقد سكن وقومه في بلاد الجبلين، وهما أجا وسلمى، التي تسمى الآن منطقة حائل، وتقع شمال السعودية، وتوجد بقايا أطلال قصره وقبره وموقدته الشهيرة في بلدة توارن في حائل، وله ديوان واحد في الشعر، ويكنى حاتم أبا سفانة وأبا عدي.
وقد أدركت سفانة وعدي الأسلام فأسلما، وأمه هي عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم، وكانت ذا يسار وسخاء، وقد حجر عليها أخوتها ومنعوها مالها خوفا من التبذير، ونشأ ابنها حاتم على غرارها بالجود والكرم، وحاتم الطائي هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرؤ القيس بن عدي بن أقزم بن أبي أخزم، وكان يُسمى أيضا هزومة بن ربيعة بن جرول بن تعل بن عمرو بن الغوث بن طيء، وورد عن يعقوب بن السكيت وأنه سمي بهذا الاسم لأنه شُج أو شجّ.
وأن جده الأكبر طيء كان اسمه جَلهمّة بن أدر بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقد سُمي بهذا الاسم لأنه كان أول من طوى المناهل، وكان حاتم الطائي يكنى بكنيتيّن هما أبو سفّانة تيمّنا باسم ابنته سفانة التي كانت أكبر أولاده، أما كنيّته الثانية فكانت أبا عدي نسبة لابنه عدي، وقد شهدا عدي وسفانة الإسلام وأسلما، وكان حاتم من شعراء العرب وكان جواد يشبه شعره جوده ويصدق قوله فعله وكان حيثما نزل عرف منزله مظفر وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح فاز وإذا سابق سبق .
وإذا أسر أطلق وكان يقسم بالله أن لايقتل واحد أو أمه وفى الشهر الأصم وهو شهر رجب، وكانت مضر تعظمه في الجاهلية ينحر في كل يوم عشرا من الأبل فأطعم الناس واجتمعوا اليه، وقد تزوج حاتم الطائي مرتين في حياته، وهما الأولى من امرأة تدعى نوّار، أما زوجته الثانية فكانت ماوية بنت عفزر، وكانت ملكة من ملكات الحيرة تقرر الزواج بمَن تشاء من الرجال، ولقد تقدّم لخطبتها ثلاثة من الشعراء، وهم حاتم الطائي، والنابغة الذبياني، والنبيتي، فطلبت منهم ماوية العودة إلى رحالهم.
وأن يقوم كل واحد منهم بنظم أبيات من الشعر يبين فيها أفعاله ومكانته بين قومه، وأنها تنوي الزواج بأفضلهم شعرا وأكثرهم كرما، ولما خرجوا من عندها ذبح كل منهم بعيرا سمينا، ثم لحقت بهم ماوية بعد أن قامت بتغيير هيئتها وتنكرت بزي خادمة لها، وجعلت من نفسها سائلة تطلب طعاما، فبدأت بالشاعر النبيتي تسأله شيئا من ذبيحته، فأعطاها الرديء منها، وفعل معها نفس الصنيع الشاعر النابغة، وعندما وصلت حاتما سألته أن يجود عليها من ذبيحته فأعطاها جزءا من أجودها.
ثم غادرت المكان عائدة إلى خيمتها وأرسلت في طلبهم، وعندما حضروا طلبت منهم إلقاء الشعر الذي نظموه، ثم طلبت تقديم الطعام للشعراء الثلاثة بعد أن اتفقت مسبقا مع جارية لها أن تقدم لكل شاعر ما أطعمها إياه، فلما رأى النابغة والنبيتي ذلك خجلا من فعلتهما وتسللا مسرعين إلى الخارج، وهنا قالت ماوية لحاتم إنه أكرمهم لهذا ستتزوجه بشرط أن يطلق زوجته، وعندما رفض تزوّجته بعد وفاة زوجته، ورزق منها ولده عديّ، وقد قامت ماوية بإعلان الطلاق على حاتم بعد فترة من الزمن من زواجهما.
حيث ضاقت ذرعا بتبذيره الزائد في إكرام الناس وعدم انتباهه لأطفاله ومستقبلهم، وأخفقت محاولاتها في ثنيه عن الإفراط في هذا الأمر، وكان قرار ماوية بالانفصال عن حاتم بتحريض من ابن عمّه مالك الذي وعدها بالزواج منه إذا انفصلت عن حاتم على وعد منه أن يقوم بتأمين ما يلزمها ويلزم أطفالها، وكانت النساء في الجاهلية إذا عقدن العزم على تطليق أزواجهن يقمن بتغيير جهة الخباء الذي يسكن فيه، فإذا كان من الجهة الشرقية يحولنه إلى الجهة الغربية، وإن كان من جهة اليمن يحولنه جهة بلاد الشام.
وعندما يلاحظ الزوج ذلك يعرف أنّ زوجته قد طلقته فلا يقترب من مخبئها، وهذا ما حدث مع حاتم الطائي وزوجته ماوية، وقيل إن حاتما رزق منها ولده عدي، وذكرت مصادر أخرى أن أولاده الثلاثة، وهم عدي وعبدالله وسفانة من زوجته النوّار، وقد تعاقب نسل حاتم من بعده، فقد رزق ابنه عبدالله بالبنين بينما لم يرزق ابنه عدي بأحد من الذكور، فكان حاتم الطائي هو من شعراء العرب الجاهليين، والذي عُرف بفطرته السليمة الخيّرة التي تتصف بالفضائل الحميدة، وهذا ما جعله موضع احترام الناس ومحبتهم في العصر الجاهلي.