أصحاب الأخدود والأيكة والجنة ” جزء 2″

الدكروري يكتب عن أصحاب الأخدود والأيكة والجنة ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أصحاب الأخدود والأيكة والجنة ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع أصحاب الأخدود والأيكة والجنة، وبالفعل أخذ الجنود الغلام وخيروه فوق قمة الجبل، فدعا الغلام الله أن ينقذه منهم فاهتز الجبل بشرة إلى أن سقط الجنود وماتوا جميعا إلا الغلام، ثم عاد الغلام إلى الملك وعندما سأله الملك عن ذلك قال له أن الله سبحانه وتعالى أنقذه، فغضب الملك وأمر الجنود بأخذ الغلام على سفينة في البحر وتخييره بين أن يرجع عن دينه أو يتم القاءه في البحر، وبالفعل اصطحب الجنود الغلام إلى سفينة كبيرة في وسط البحر وخيروه، وحينها دعا الغلام الله تعالى أن يخلصه فغرقت السفينة ولم ينجو سوى الغلام، ورجع الغلام إلى الملك قائلا ان الله سبحانه وتعالى نجاه، وهنا قال الغلام للملك أنك لن تستطيع قتلى إلا إذا جمعت جميع الناس وصلبتني أمامهم ثم اخذت سهما وصوبته تجاهي وانت تقول بسم الله رب هذا الغلام.

وحينها سوف تقتلني بهذا السهم، وبالفعل جمع الملك الناس وقام بتنفيذ ما قله له الغلام وصوب السهم تجاهه فقتله على الفور، وهنا آمن الجميع برب العالمين وقالوا آمنا برب الغلام سبحانه وتعالى، فقال جنود الملك له لق حدث ما كنت تخاف منه وآمن الناس جميعا برب الغلام، فغضب الملك وأمر جنوده بحفر حفرة كبيرة وإشعالها بالنار وتخيير الناس واحدا تلو الآخر بالرجوع عن دينهم أو الموت حرقا بإلقائهم في النار، وبالفعل أخذ الجنود يلقون الناس في النار إلى أن جاء دور امرأة وولدها الصغير، وعندما خافت المرأة من النار طلب منها ولدها أن تصبر قائلاً لها أنها على حق، وأما عن أصحاب الأيكة فإن الأيكة هي إحدى قبائل العرب القديمة، وكانو يقطنون في الجهة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، ولهم العديد من الآثار في المملكة العربية السعودية.

وقد كانوا يبنون منازلهم في الجبال الصخرية، وامتهنوا رعاية الغنم والتجارة، وأطلق عليهم هذا الاسم لأنهم كانوا يعبدون شجر الأيك، وهو شجر ملتف على بعضه البعض، كما عرفوا بالغش في الأوزان، فبعث الله لهم النبي شعيب لهدايتهم، ولكنهم لم يستجيبوا له، وإن أصحاب الأيكة في التوراة والقرآن ذكر كتاب التوراة أصحاب الأيكة مرات عديدة، وأنهم قوم مدين، وقيل أن مدين هو ابن نبي الله إبراهيم عليه السلام، وأنهم سكنوا صحراء النقب في فلسطين، وقد لجأ إليهم نبي الله موسى عندما فرّ من مصر، وبقي عندهم أربعين سنة، وتزوج إحدى بناتهم، كما يذكر التوراة بأنهم تحالفوا مع العمالقة وغزو بني إسرائيل، وقد ذكر القرآن الكريم أن قوم مدين كانوا بالقرب من قوم ثمود، وأن الله بعث لهم النبي شعيب عليه السلام، وأن سيّدنا موسى لجأ إليهم وصاهرهم.

وذكروا باسم قوم مدين، وأصحاب الأيكة في مواضع عديدة منها قوله تعالى ” وإلي مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب محيط” وقوله تعالى ” واصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد” ونهاية أصحاب الأيكة هو أن دعا نبي الله شعيب أصحاب الأيكة إلى الإيمان بالله، وترك الغش والنصب الذي يمارسونه، ولكنهم لم ينصتوا إليه ولن يتبعوه، فحذرهم من عذاب أليم، وهلاك من الله، كما لاقى قوم ثمود، ولوط، وصالح من قبلهم، وقد لقب شعيب بخطيب الأنبياء، فقد وهبه الله أسلوبا بليغا في الحوار والمخاطبة، كما عرف بلين قوله، ومع ذلك لم يستجيبوا بل وصفوه بالضعيف، حيث كان عليه السلام ضريرا، فأخذهم الله بالصيحة، وما جاء في كتب قصص الأنبياء الذي يشرح آيات القرآن الكريم,

التي تقص ما حدث مع الأنبياء أن الله تعالي ابتلى قوم شعيب بالحر الشديد فلم يكن يروي عطشهم ماء ولا ظلا ولا طعاما، فخرجوا من ديارهم ورأوا سحابة ظنوها ستقيهم من الحر، ولما اجتمعو تحتها، بدأت تثير عليهم الشرار، ثم جاءت الصيحة، نتيجة إشراكهم بالله وعبادتهم الأيكة، وتطفيفهم المكيال، ونجّى الله شعيبا ومن آمن معه، ومن أهم العبر المستفادة من قصة أصحاب الأيكة هي أن المال الخبيث وإن كثر وأعجب صاحبه، فلن يكون له خير، بل وبالا وعذابا في الدنيا والآخرة، وأما عن قصة أصحاب الجنة، فإن هذه القصة التي تتكرر مئات المرات في حياة الناس، وهذه القصة محورها يتصل اشد الاتصال بحياة كل مسلم فما من مسلم الا وساق الله له من الشدائد ما ساق، فإن القصة بحد ذاتها لها اثار جميله على النفس البشريه ولذلك كثر ورودها في الايات القرانيه كثيرا.