الجدّ بن قيس بن خنساء ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن الجدّ بن

قيس بن خنساء ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

لقد كان للمنافقين في زمن النبوة صولات وجولات، ونزل في شأنهم آيات تتلى بل نزلت فيهم سورة كاملة، ولقد كان الإسلام قويا، وكان الكفار يتلبسون بلباس الإسلام، والنفاق في قلوبهم، ولم يعد بين صفوف المسلمين إلا مؤمن أو كافر، تجد المنافقين يحاولون الإفساد عن طريق الخفية، ويخشون أن يفتضح أمرهم، وينتهزون الفرص للنيل من الإسلام وأهله، وتجدهم دائما في صورة الناصح المشفق، ولكن ما إن يضعف الإسلام في قلوب أهله، ويضعفون هم إلا وتسقط الأقنعة، وتسفر عن وجوه النفاق، ويتميز المؤمن من المنافق، وإن من أكبر صفات المنافقين، هو الخذلان والخيانة وقت الحاجة، ولقد كان في غزوة تبوك التي ظهر النفاق فيها جليا، ونزلت فيها سورة تبوك فاضحة المنافقين بصفاتهم.

 

حيث كان من الطبيعي أن يتخلف المنافقون عن غزوة تبوك لما فيها من شدة وعسرة، حتى سمّيت هذه الغزوه بغزوة العسرة، وهكذا بدأ المنافقون يختلقون الأعذار الواهية والحجج الواهنة، فهذا يعتذر من الافتتان بنساء بني الأصفر، وآخر يعتذر بشدة الحرّ، وتجاوز بعض المنافقين حد الاعتذار، بل أخذوا يبثون الشائعات المثبطة عن الجهاد، فكان عبد الله بن أبيّ يقول يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال، والبعد البعيد إلى ما لا طاقة له به، يحسب أن قتال بني الأصفر معه اللعب، والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرّنين في الحبال، فلما نزلت سورة التوبة فاضحة لهم ما زالت تنزل قائلة ومنهم، ومنهم، حتى خافوا أن يذكروا بأسمائهم.

 

وكان من بين هؤلاء جد بن قيس وهو الجد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الخزرجي، ويكنى أبا عبد الله، وهو ابن عم البراء بن معرور، وكان ممن يظن فيه النفاق، وأما عن البراء بن معرور بن صخر الأنصاري الخزرجي، فهو أبو بشر، وقد قال موسى بن عقبة عن الزهري، أنه كان البراء بن معرور من النفر الذين بايعوا البيعة الأولى بالعقبة وهو أول من بايع في قول ابن إسحاق، وأول من استقبل القبلة، وأول من أوصى بثلث ماله، وكان نقيب قومه بني سلمة، وكان أول من بايع ليلة العقبة الأولى، فعن محمد بن سعد قال ” إن البراء أول من تكلم من النقباء ليلة العقبة حين لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

السبعون رجلا من الأنصار فبايعوه، وأخذ منهم النقباء فقام البراء بن معرور، فحمد الله وأثنى عليه فقال، الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وحيانا به فكنا أول من أجاب لإاجبنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسمعنا وأطعنا يا معشر الأوس والخزرج، قد أكرمكم الله بدينه، فإن أخذتم السمع والطاعة والمؤازرة بالشكر فأطيعوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم جلس، وقال ابن حجر في الإصابة، وكان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو البراء بن معرور، وقال في تلك البيعة ” يا أبا الفضل اسمع منا فسكت العباس بن عبد المطلب فقال البراء لك والله عندنا كتمان ما تحب أن نكتم وإظهار ما تحب أن نظهر وبذل مهج أنفسنا ورضا ربنا عنا إنا أهل حلقة وافرة وأهل منعة وعز.

 

وقد كنا على ما كنا عليه من عبادة حجر ونحن كذا فكيف بنا اليوم حين بصرنا الله ما أعمى على غيرنا وأيدنا برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ابسط يدك فكان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى أن البراء بن معرور مات قبل الهجرة فوجه قبره إلى الكعبة وكان قد أوصى عليه يعني على قبره وكبر أربعا، وعن أبي قتادة قال ” أن البراء بن معرور أوصى إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بثلث ماله يصرفه حيث شاء فرده النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن إسحاق وغيره، ومات البراء بن معرور قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة بشهر.