الدكرورى يكتب عن الجدّ بن
قيس بن خنساء ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الجدّ بن قيس بن خنساء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في جهازه غزوة تبوك للجد بن قيس أخي بني سلمة “هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر؟” فقال “يا رسول الله، أوتأذن لي، ولا تفتني؟ فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم، “قد أذنت لك” ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية ” ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين” أي إن كان إنما خشى الفتنة من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة أكبر، بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرغبة بنفسه عن نفسه، ويقول الله تعالى “وإن جهنم لمن ورائه ” فجاءه ابنه عبد الله بن الجدّ، وكان بدريّا، وهو أخو معاذ بن جبل لأمه، فقال لأبيه ” لِما تردّ علی رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقالته؟ فو الله ما في بنى سلمه أكثر مالا منك، ولا تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تحمل أحدا أي ولا تدفع حصانك وبعيرك إلی آخر فيخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الجدّ ” يا بُني، ما لي وللخروج في الريح والحرّ والعسرة إلی بنى الأصفر؟ والله ما آمن خوفا من بني الأصفر، وإني في منزلي بخُربي فأذهب إليهم فأغزوهم، إني والله يا بنى عالم بالدوائر، فأغلظ له ابنه، فقال له “لا والله، ولكنه النفاق، والله لينزلنّ علی رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيك قرآن يقرأونه.
ونزل فيه قول الله سبحانه وتعالى فى سورة التوبه “ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى ألا فى الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين” وأما عن غزوة تبوك فهي الغزوة التي خرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لها في شهر رجب، من العام التاسع من الهجره، بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر، وتعد غزوة تبوك هي آخر الغزوات التي خاضها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الرومان إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان الروماني المسيطر على المنطقة، فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى رومانية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثون ألف من الجيش الإسلامي.
وقد انتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفا من المواجهة، مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة، لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالا فحققوا انتصارا للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة وهى مدينة العقبة حاليا على خليج العقبة الآسيوي، وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم، بينه وبينهم كتابا يحدد ما لهم وما عليهم، وقد عاتب القرآن الكريم.
من تخلف عن تلك الغزوة عتابا شديدا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله تعالى،حث على الخروج فيها، وعاتب وعاقب من تخلف عنها، والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى “انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون” وكان قد ساد في الجاهلية جميع بني سلمة فانتزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سؤدده، وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد، أنها نزلت في الجد بن قيس، وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهم “من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا، الجد بن قيس، على أنا نبخله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وأي داء أدوأ من البخل، ولكن سيدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور”