عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 1″

إن الصلة بالله عز وجل هي من الجوانب التي ينبغي أن يعنى بها المرء في تربيته لنفسه، فهي وسيلة من وسائل تربية النفس، وبالإضافة إلى الاعتناء بالفرائض والبعد عن المعاصي، والاجتهاد بالنوافل فلابد من السعي لتطهير القلب من التعلق بغير الله عز وجل فصلاح القلب مناط تربية الصلة بالله عز وجل، بل هو مناط النجاة يوم القيامة ، فقال الله عز وجل على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام “ولا تخزني يوم يبعثون. يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم” وفي هذه الآيات يدعو إبراهيم عليه السلام ربه أن يأتي يوم القيام بقلب سليم، وفي الآية الأخرى وصفه تبارك وتعالى بأنه جاء ربه بقلب سليم” وإن من شيعته لإبراهيم، إذ جاء ربه بقلب سليم” وأخبر صلى الله عليه وسلم عن منزلة القلب وأن الجسد كله يصلح بصلاحه، ويفسد بفساده.

“ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” وحين تصلح حال الإنسان مع الله، وتقوى صلته بربه تستقيم سائر أموره، وتعد الأسرة عماد المجتمع ونواته الصلبة، واللبنة الأساسية فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتم برعايتها رعاية كاملة، وبيّن أفضل الطرق والسُّبل لإقامتها على النهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيأ لذلك شتى الوسائل والسُبل، فبدأ بحُسن اختيار الزوجين كل منهما للأخر، فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتقوى لا على أساس غير ذلك، كالمال والجاه والنسب، ومن ثم دعا الإسلام إلى الاهتمام بالأولاد وإعطائهم كافة حقوقهم، فكما أن للوالدين حقوقا يجب على الأبناء أداؤها، فقد أعطى الإسلام لكل ذي حق حقّه.

فكما للوالدين حق على أبنائهم وعليهم واجبات تجاههم، وكذلك العكس، فإن للأبناء حق على والديهم وعليهم واجبات تجاههم، وإن الإسلام فرض علينا حقوق وواجبات ومن هذه الحقوق هو حق الطفل علي أسرته من الوالدين وإن من أهم حقوق الطفل في الإسلام، هو اختيار الأم الصالحة له قبل يولد، فقد حرص الإسلام على أن تنشأ الأسرة في الأساس بزوج تقي وزوجة صالحة، وفي ذلك أمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الزوج باختيار الزوجة الصالحة ذات الدين، فقال صلي الله عليه وسلم ” تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك” وإن من هذه الحقوق وأولها، هو أن تختار لابنك الاسم الحسن، وهذا من واجب الابن عليك، لا تختار له اسما يعير به وينادى به في الحياة وينادى به يوم العرض الأكبر.

ففي السنن عن أبي الدرداء أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “أحسنوا أسماء أبنائكم فإنهم يدعون بها يوم القيامة” أو كما قال صلى الله عليه وسلم “يوم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وينادى أين فلان بن فلان؟ فيقوم على رءوس الأشهاد” فالواجب اختيار الاسم الحسن، ولنا الوقفة مع الحسين والحسن وجدهما محمد صلى الله عليه وسلم، فنحب الأحفاد لحب الجد الكبير العظيم، وإنما الشاهد في القصة أنه صلى الله عليه وسلم تحبب إلى الأطفال، أتى يصلي إما العصر وإما الظهر صلى الله عليه وسلم فأخذ أمامة وعمرها ثلاث وقيل أربع سنوات وهي بنت السيدة زينب، وزينب بنته صلى الله عليه وسلم، أي أنها بنت بنته، فحملها في الصلاة، صلى بالمسلمين وبعلماء الصحابة وساداتهم وشجعانهم وشهدائهم.

فحمل أمامة على كتفه صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها حتى سلم من الصلاة، وروي أن النبس صلى الله عليه وسلم “خرج يصلي بالناس صلاة العصر أو الظهر فلما سجد أطال السجود فلما سلم بالناس قالوا يا رسول الله أطلت سجدة، قال إن ابني هذا، قيل الحسن وقيل الحسين، ارتحلني أي صعد على ظهري، لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا أعجبه المنظر وكان طفلا، فصعد على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال إن ابني هذا ارتحلني فخشيت أن أقوم فأؤذيه فانتظرت حتى نزل من على ظهري” رواه الحاكم والنسائي، والمقصود بحقوق الأبناء على آبائهم تلك الحقوق التي رتبها الشارع الكريم عز وجل على الوالدين تجاه أبنائهم من قبل أن يولدوا وحين استقرارهم في بطون أمهاتهم وهم أجنة، وبعد أن يُولدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة.