الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، ويُكدر صفوها، وبذا نفهم السر الإلهي في جعل نساء الجنة أبكارا، في قوله تعالى في سورة الواقعة ” إنا أنشئناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا” وقد وردت في الحث على انتقاء البكر أحاديث كثيرة، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال تزوجت امرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر، تزوجت؟ قلت نعم، قال بكرا أم ثيبا؟ قلت ثيبا، فقال صلى الله عليه وسلم “فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك” وفي رواية لمسلم، قال صلى الله عليه وسلم “فأين من العذاري ولعابها؟ وفي رواية للبخاري قال صلى الله عليه وسلم “فهلا جارية تلاعبك؟” قلت يا رسول الله، إن أبي قتل يوم أحد، وترك تسع بنات، كن لي تسع أخوات، فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن.
ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال صلى الله عليه وسلم “أصبت” ولقد اعتنى الإسلام بالطفل من قبل وجود الطفل، فهيأ له أسرة طيبة تتكون من والد تقي ووالدة صالحة، فحث رسول الله صلي الله عليه وسلم الزوجة وأهلها باختيار الزوج الصالح، وكما حث النبي صلي الله عليه وسلم الزوج على اختيار الزوجة الصالحة وكل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يطبقان شرع الله، ويرسمان الطريق السوي لحياة الأبناء، فأول حق للطفل أن يوفق الله أبويه لحسن اختيار أحدهما للآخر، فإذا تم الاختيار توجه الأبوان الصالحان بالدعاء في خشوع وإنابة إلى الله عز وجل، فالله تعالى قد أنعم على عباده بنعم كثيرة، ومن تلك النعم نعمة الأولاد، وواجبهم تجاه النعم هو الشكر، وشكر نعمة الأولاد يكون بتربيتهم وتعليمهم السلوك والأخلاق الحسنة.
والله تعالى قد أوجب على الآباء تربية أبنائهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه “تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” فالدين هو كل شيء في المرأة، ولا يعني كلامنا هذا أن نعفي الرجال من مسئولية البحث عن الجمال، أو طلب الحسب، أو المال، لكن ينبغي ألا يكون هذا على حساب الدين، وإلا فسيكون غير موفق في اختياره، فلا بد أن يجعل الدين هو الأصل وما بقي تبع له ونحن نؤمن أن الجمال مطلوب وكذلك الحسب مطلوب، وأن المال لا بأس بطلبه خالصا وحلالا، ولكن فاظفر بذات الدين تربت يداك، ويوم أساء الزوج في الاختيار للزوجه الصالحة نشأ الجيل معوج، وأتى الطفل راضع من أم جاهلة أو ليست مستقيمة، أو أم فيها حمق، لأن الاختيار كان عن عدم تقدير وحكمة.
فأول مسئوليات الآباء هو اختيار الزوجة الصالحة، التي تريد الله والدار والآخرة، فاختيار الزوجة أمر لابد منه، وهو أمر إذا وفق الله العبد إليه كان من أعظم ما ييسر تربية الأبناء فيما سوف يقبل من الزمن، وعلى المرأة ايضا أن تختار الزوج الصالح الذي ترتضيه أبا لأولادها وعلي ولي المرأة أن ينظر الي دين الخاطب وأخلاقه قبل أن ينظر الي امواله، فكم من أب زوج ابنته من رجل لأجل ماله فقط وانتهي الأمر إما أمام المحاكم أو بالطلاق، وإن من عوامل التربية السليمه الصالحه لبناء الأسرة هو حفظ الوقت والاعتناء به ويتأكد هذا الأمر في حق من اشتغلوا بدعوة غيرهم وتربيتهم، فهذا العمل يأخذ عليهم زبدة أوقاتهم، لكن الاعتناء بتنظيم الوقت والحزم مع النفس في ذلك مما يعينهم على أن يوفروا لأنفسهم قدرا من الوقت كان يضيع سدى.
فيستثمروه في تربية أنفسهم والرقي بها، فإن استغلال الوقت مهارة وقدرة يحتاج الشاب أن يربي نفسه عليها، وليست مجرد اقتناع من الإنسان بأهمية الوقت، وكذلك فإن هناك برامج عامة يتلقاها الشاب مع إخوانه، كالدرس العلمي والمحاضرة وخطبة الجمعة واللقاءات الجماعية إلى غير ذلك، وهذه البرامج تحتاج منه إلى أن يتفاعل معها، من خلال التركيز والاستيعاب، ومن خلال أخذ النفس بالعمل والتطبيق بعد ذلك، وقد سبقت الإشارة إلى طوائف ممن كانوا يحضرون أعلى المجالس وأشرفها وهي مجالس النبي صلي الله عليه وسلم وكانوا لا يستفيدون من ذلك، بل كانت وبالا عليهم، فلابد من الجماعية في التربية الذاتية، وكيف يكون ذلك؟ فقيل أنه ينبغي أن نذكر بصفة عامة أن التنمية النفسية الصحيحة لا تتم في كيان فرد يعيش بمفرده في عزلة عن الآخرين.