الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، ولا تسكن في قلبك سواها، وهناك أيضا الثقة بالنفس وذلك بأن يشعر الشاب أنه قادر على أن يرقى بنفسه إلى درجات الكمال البشري، أما الكمال المطلق فلا يمكن أن يصل إليه البشر إطلاقا، فالذي لايثق بنفسه لا يمكن أن يصنع شيئا، ولا يمكن أن يرتفع بها أو يرتقي بها ولابد مع الثقة بالنفس من مقت النفس بجانب الله عز وجل حتى تتجنب طرفي الإفراط والتفريط، فالثقة بالنفس تعني أن يعلم الإنسان أنه قادر على أن يفعل هذا الشيء، وأن يتحمل المسؤولية حين تقع عليه، لكن ذلك لا يعني أن يصاب بغرور وإعجاب، بل ينبغي أن يعلم أنه مقصر وأنه مذنب وأنه مخطئ، وحين أجمع بين الأمرين سيدفعني ذلك إلى بذل الجهد والمشاركة الدعوية ليكون في ذلك تكفيرا لذنبي، ورفعة لدرجاتي عند الله عز وجل.
ولنفترض بأن إنسان أعطاه الله عز وجل فصاحة وبلاغة أيمنعه هذا من أن يخطب بالناس وأن يذكرهم بكتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه وسلم، وإن كان يشعر بأنه يرتكب المعاصي والذنوب، وقد أعطاه الله عز وجل موهبة في التأثير على الآخرين وقدرة في التعامل مع الناس وكسبهم، فهل يمنعه شعورة بالتقصير من استثمار هذه الموهبة وهي دعوة الناس والتأثير عليهم، وهكذا أيا كانت هذه الموهبة ألا يدعو ذلك إلى أن يستغلها في طاعة الله على كل حال؟ فعليكي أيتها الزوجة المخلصة الوفية، إعلمي أنه قد اختارك الله عز وجل لتكوني رفيقة درب لرجل، وعلى أساس هذا الاختيار أنت كلفت بمهمة، ألا وهي الوقوف بجانبه، وتحمل مشاق هذا الدرب، ومشاركة لحظاته معه بحلوها ومُرها، ومشاركته تفاصيل حياته كلها بما يرضي الله، وليس بما يثير سخطه سبحانه وتعالي.
وسخط الزوج عليك، قبولك الزواج منه كان توقيعا منكي على ميثاق حب أبدي له، ستلتزمين به أمام نفسك، وستحبينه كما لم تحب امرأة من قبل، لكن لا تأخذي بنصيحة من تقول انسيه كما ينسى الرجال الرجال لا ينسون ألا مَن اختارت سلفا طريقا مغايرا لهم، أو سارت معهم الطريق لكنها حولته لجحيم لا يطاق، سيرى طريقك معه كأم تخاف عليه من نفسه، وكرفيقة تسمع همسات بوحه، وحبيبة تشاركه نبضات قلبه أتظنين رجلا يجد هذا بصدق ويبتعد؟ الحياة معه ما هي إلا جسدان بقلب واحد، حتى لو افترقا جسدا، تبقى الأرواح مُجتمعة، وإن من وسائل التربية الذاتية هي محاسبة النفس، وذلك بأن يحاسب الإنسان نفسه قبل العمل وأثناء ه وبعده، وأن يداوم على محاسبة نفسه في كافة جوانب حياته فالمحاسبة هي التي تعرف الإنسان بعيوب نفسه وجوانب ضعفها.
وهي التي تعينه على علاجها، وكذلك أيضا العزلة الشرعية وهي أن يكون للشاب حظ من الوقت يخلو فيه بنفسه، ويقبل فيه على الله عز وجل فيقول ابن القيم رحمه الله، ألا يقطع عليك طريق السير والطلب إلى الله جل وعلا مثل أن تؤثر جليسك على ذكرك وتوجهك وجمعيتك على الله فتكون قد آثرته على الله وآثرت بنصيبك من الله ما لا يستحق الإيثار، فيكون مثلك كمثل رجل سائر على الطريق لقيه رجل فاستوقفه وأخذ يحدثه ويلهيه حتى فاته الرفاق، وهذا حال أكثر الخلق مع الصادق الساعي إلى الله عز وجل فإيثارهم عليه عين الغبن وما أكثر المؤثرين على الله غيره، وما أقل المؤثرين الله على غيره، وكذلك الإيثار ما يفسد على المسلم وقته قبيح أيضا مثل أن يؤثر في وقته ويفرق قلبه في طلب خلقه، أو يؤثر بأمر قد جمع همه وأمره إلى الله ليفرق عليه قلبه بعد جمعيته ويشتت خاطره،
وهذا أيضا إيثار غير مشروع، وكذلك الإيثار باشتغال القلب والفكر في مهمات الخلق ومصالحهم التي لا تتعين عليك، على الفكر النافع واشتغال القلب بالله ونظائر ذلك لا تخفى، بل هو حال الخلق والغالب عليهم، وكل سبب يعود عليك بصلاح قلبك ومحاسبة نفسك مع الله فلا تؤثر به إنما تؤثر الشيطان على الله وأنت لا تعلم” إذن فمهما كنت في ميدان من ميادين الخير، سواء في ميدان أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، أو ميدان تعليم علم، أو ميدان جهاد في سبيل الله، فلابد أن يكون لك نصيب ولو كان يسيرا تخلو فيه مع الله عز وجل، فتتلو فيه كتاب الله عز وجل وتتدبره، وتقوم الليل أو تصوم، فهذا زاد لك يعينك على هذا العمل الذي تفرغت له.