الجزء الثانى مع الكاتب جهم بن سعد

الدكرورى يكتب عن الكاتب جهم بن سعد ” جزء 2″ 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الكاتب

جهم بن سعد، وكان الصحابي

عبد الله بن سعد ابن أبي سرح

كاتب الرسول صلى الله عليه

وسلم، وكان أميرا وقائدا على

الجيوش التي فتحت أفريقيا،

وإداريا بارعا وقد تولى بناء

وقيادة أول أسطول إسلامي،

وقد أنهى سيطرة الدولة

البيزنطية على البحر الأبيض

المتوسط، وهو عبد الله بن

سعد بن أبي سرح بن الحارث

بن حبيب بن جذيمة بن مالك

بن عامر بن لؤي القرشي،

وكنيته أبو يحيى، أخو عثمان

بن عفان من الرضاعة، حيث

أرضعته أم عثمان، وقد أسلم

قبل صلح الحديبية وهاجر،

وكان حسن الإسلام ولم يتعد

ولا فعل ما ينقم عليه بعد

إسلامه، وكان أحد عقلاء

الرجال وأجودهم، وموضع ثقة

الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

فاستعمله صلى الله عليه وسلم في كتابة الكتب والعهود، ومنحه شرف كتابة الوحي القرآني، وقد قال ابن حجر، كتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، جماعة من الصحابة وكان أول من كتب له من قريش بمكة هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وذكرت التراجم أنه فتن وارتد مشركا ولحق بكفار قريش، وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان ابن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار، ولما كان عام فتح مكة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بقتله، ولو وجد متمسكا بأستار الكعبة، وقد اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم، الناس إلى البيعة يوم الفتح جاء به عثمان، رضي الله عنه.

 

حتى أوقفه على النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم، رأسه فنظر إليه ثلاثا، وكل ذلك يأبى مصافحته، صلى الله عليه وسلم، فأمنه، وعفا عنه، وبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه صلى الله عليه وسلم، فقال ” أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟” فقالوا ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، هلا أومأت إلينا بعينك؟ فقال صلى الله عليه وسلم “إنه لا ينبغي أن يكون لنبي خائنة أعين” فأسلم ابن أبي سرح بعد ذلك وحسن إسلامه، وقال عنه الدارقطني، أنه ارتد، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم، دمه، وقال عنه مصعب بن عبد الله، أنه استأمن عثمان بن عفان رضى الله عنه لابن أبي سرح يوم الفتح من النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وكان أمر بقتله، وقيل إنه لما أخذه المشركون، وأكرهوه على ما أكرهوا عليه عمار بن ياسر رضي الله عنه، أجابهم إلى ذلك معتقدا، فأكرموه، وكان معهم إلى أن فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكة، ثم استأمن له عثمان فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم، وتاب بعد ذلك وأسلم وحسن إسلامه، وأصبح أحد العقلاء الكرماء، وكان له صحبة ورواية حديث فقد روى عنه الهيثم بن شفي، وقد بينت كتب السير الثقات أن إهدار دمه كان نتيجة لارتداده، وليس لادعائه على الله تعالى وتحريف ما كان يكتبه وادعائه على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم، أن يقبل منه عذرا ولا شفيعا له، وما كان لعثمان ذلك، وما كان للخلفاء الثلاثة من بعده.

 

أن يستعملوه ويثقوا به لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أهدر دم من نال منه بالهجاء فكيف من ينال من الله ورسوله وآيات الله ويدعي هذا الادعاء، إذ لا توجد رواية صحيحة الإسناد تؤكد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرف الوحي وكل ما روي في ذلك مرسل وخبر ضعيف الإسناد ليس صحيحا بأكثر من وجه، ولم يأت هذا الخبر في كتاب واحد من كتب السنة لا بطريق صحيح ولا ضعيف، ويخلط كثيرون بين عبد الله بن سعد بن أبى سرح وشخصية ثانية ارتدت أيضا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر الذي أدى إلى هذا الخلط هو اشتراكهما في كتابة الوحي، ووقوع الردة منهما، إلا أن الحقيقة أنهما شخصيتان مختلفتان، فالصحابي الجليل عبد الله بن أبي سرح، قد ظهرت براءته من هذه التهمة.