الدكروري يكتب عن المعجزة الخالدة ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
المعجزة الخالدة ” جزء 1″
لقد كانت تلك المعجزة هي المعجزة العظيمة الخالدة والتي حدثت في السنة الخامسة قبل الهجرة للنبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، وقيل أنها في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ولكن لم يأتي حديث واضح وثابت علي ذلك والكلام في وقت حدوثها كثير، فقيل أنه جاءه جبريل عليه السلام ليلا إلى مكة والنبي صلي الله عليه وسلم نائم ففتح سقف بيته ولم يهبط عليهم لا تراب ولا حجر ولا شىء وكان النبي حينها في بيت بنت عمه السيدة أم هانىء بنت أبي طالب أخت الإمام علي بن أبي طالب في حي اسمه أجياد، وكان هو وعمه حمزة وجعفر بن أبي طالب نائمين والرسول صلي الله عليه وسلم كان نائما بينهما، فأيقظه أمين الوحي جبريل عليه السلام ثم أركبه على البراق خلفه وانطلق به، وإن المحن والابتلاءات والشدائد التي نمر بها في حياتنا تعلمنا أن الدنيا دار التواء.
لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، وأن من عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، وأن الله قد جعلها دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي، إنها تعلمنا أن للمحن والمصائب حكما جليلة، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى، وتلبسهم رداء العبودية، وتلجئهم إلى طلب العون من الله عز وجل، إنها تعلمنا أنه لا ينبغي أن تصدنا المحن والعقبات، عن متابعة السير في استقامة وثبات، إنها تعلمنا أنه لولا الجهاد والصبر، ما عُبد الله عز وجل في الأرض، ولا انتشر الإسلام في الخافقين، ولا قمنا في هذا المكان وعلى أمواج الأثير نوحّد الله ونسبّحه ونحمدة، وندعو إليه، إنها تعلمنا أن اليسر مع العُسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته, فلم يمضي وقت طويل على بدء دعوته المباركة حتى عزه ربه بمعجزات أثارت في كفار مكة الدهشة والعجب, وكان لها أثر واضح بين الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الذين لم يؤمنوا به، وإن هذه المعجزة هي معجزة الاسراء والمعراج والذي كان البراق من أعاجيبها، وغن الاسراء هو انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم ليلا من مكة الى بيت المقدس, ثم عودته الى مكة في الليلة نفسها، في حين أن هذه المسافة يقطعها الناس في شهر ذهابا وشهر في العودة، وأما عن المعراج وهو صعوده صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس الى السموات العلا الى سدرة المنتهى حيث أوحى الله اليه ما أوحى, ثم هبوطه الى بيت المقدس في ليلة الاسراء نفسها، وإن من المعلوم أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
قد أسرّ بدعوته ثلاث سنوات وحينما أمره الله عز وجل بالجهر بالدعوة لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد أنواع الإيذاء والاضطهاد منذ أن جهر بالدعوة على جبل الصفا وكان أول من وقف ضده أقرب الناس إليه وهو عمه أبو لهب قائلا له “تبا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟” ونزل في ذلك سورة المسد، ورد عليه رب العزي سبحانه وتعالي قائلا ” تبت يدا أبي لهب وتب” ثم توالى الإيذاء بالسب والشتم تارة وبرمي سلا الجزور عليه وهو ساجد أخرى، وبالحصار في الشعب ثالثة وأشق من ذلك كله عليه فقدان عمه أبو طالب وزوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وتبع ذلك عندما ذهب إلى أهل الطائف يطلب منهم الوقوف بجانبه وأن يدخلوا الإسلام فعمد إلى نفر من ثقيف، فآذوه إيذاء شديدا وسلطوا عليه الصبيان يرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه.
ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنزل جبريل عليه قائلا بلسان الحال قم يا محمد إذا كان أهل مكة آذوك وطردوك فإن رب البرية لزيارته يدعوك، وكأن الله عز وجل يقول له يامحمد إن كان أهل الأرض رفضوك فإن رب الأرض والسماوات يدعوك، فكانت رحلة الإسراء والمعراج، وكان لهذه المعجزة الكبرى معجزة الاسراء والمعراج حكايات عجيبة ومواقف طريفة سنسمعها واحدة تلو الأخرى، فبينما كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نائما بجوار الكعبة ذات ليلة أتاه جبريل بدابة بيضاء جميلة أكبر من الحمار وأقل من الحصان انها البراق العجيب، وقد كانت البراق دابة يركبها الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم ركوبها نفرت وهاجت، فصاح جبريل قائلا “مه يا براق يحملك على هذا فوالله ما ركبك قط أكرم على الله منه” .