المعجزة الخالدة ” جزء 8″

الدكروري يكتب عن المعجزة الخالدة ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

المعجزة الخالدة ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع المعجزة الخالدة، ويقول الله تعالي ” فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين” ورفع الوليد بن المغيرة قشة من الأرض، وقال والله ما زاد على ما وصفت لنا كهذه، فآمن بعضهم وكفر بعضهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وهل أزيدكم؟ وسوف تقدم عليكم غدا قافلتكم في أولها الجمل الأورق عليه غرارتان، أي كيسان، وسوف يقدم رعاتكم الذين رعوا في وادي كذا وكذا، فمررت بهم أنا وجبريل وقد كسرت رجل ناقة من نوقهم، قالوا ننتظر، وفي الصباح صعدوا على شرفات بيوتهم وانتظروا وإذا بالقافلة داخلة وفي أولها الجمل الأورق عليه غرارتان، وأتى الرعاة فقالوا أحدث عليكم شيء؟ قالوا ما حدث شيء إلا أن ناقة فلان كسر رجلها، وصدق الله إذ يقول كما جاء في سورة الطور ” أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون”

وعاد النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم بهذا فكفروا وعتوا عن أمر ربهم، وهنا يقول تعالي ” ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون، لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون” ويجب أن ننظر ونتذكر شوق أبي بكر الصديق وحبه لصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة وهذا الحب هو الذي أبكى أبا بكر الصديق فرحا بصحبته صلى الله عليه وسلم، وإن هذا الحب هو الذي أرخص عند أبي بكر الصديق كل ماله ليؤثر به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله ونفسه، وقيل أن أبا بكر الصديق ليلة انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار، كان يمشي بين يديه ساعة، ومن خلفه ساعة، فسأله، فقال أذكر الطلب وهو ما يأتي من الخلف فأمشي خلفك، وأذكر الرصد وهو المترصد في الطريق، فأمشي أمامك، فقال صلى الله عليه وسلم.

“لو كان شيء أحببت أن تقتل دوني؟ قال أي والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار قال مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فاستبرأه، ولقد ضرب الصديق لنا مثلا رائعا في أن الصداقة مبادئ ومواقف، وليست شعارات وأقوالا وهكذا الصداقة الحقيقية، وإنك لو نظرت إلى واقعنا الحالي تجد أن الصداقة أصبحت من أجل المصلحة والمنفعة والفائدة، فإذا انتهت المصلحة والفائدة انقطع حبل الصداقة، وتجد الشخص يتودد إليك بالكلام المعسول، ويقابلك بالقبلات والأحضان والمعانقة، فإذا احتجت إليه وقت العسر والشدة كأنه لا يعرفك، وكان أبعد الناس منك، وفي ذلك يقول لقمان الحكيم “ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة، لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا يعرف الشجاع إلا عند الحرب ولا يعرف الأخ إلا عند الحاجة إليه” وإن من الدروس المهمة.

في هذه الرحلة العظيمة هو أهمية ومكانة المسجد الأقصى، فلقد بعث الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في مكة وبها أول بيت وضع للناس ولقد أثبت العلم الحديث أن مكة والمسجد الحرام وسط ومركز اليابسة في العالم والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ليعرج به من هناك ولم يعرج به من المسجد الحرام مباشرة من حيث موطنه ومبعثه؟ وقيل إن ذلك لحكم كثيرة وجليلة ومنها أن ذلك كَان إظهارا لصدق دعوى الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم حين سألته قريش عن نعت بيت المقدس، فنعته لهم وأخبرهم صلي الله عليه وسلم عن عيرهم التي مر عليها في طريقه، ولو كان عروجه إلى السماء من مكة لما حصل ذلك، لأنهم لا علم لهم بالعالم العلوي، إذ لا يمكن إطلاعهم على ما في السماء.

لو أخبرهم عنه، لذلك قال لقريش “وآية ذلك أنى مررت بعير بنى فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فند لهم بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام، ثم مررت بعير بنى فلان، فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشئ، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم تصوب الآن من ثنية التنعيم البيضاء، يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء” قال فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل الذي وصف لهم وسألوهم عن الإناء وعن البعير، فأخبروهم كما ذكر الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وذكر عن إسماعيل السدي، أن الشمس كادت أن تغرب قبل أن يقدم ذلك العير، فدعا الله عز وجل فحبسها حتى قدموا كما وصف لهم، قال فلم تحتبس الشمس على أحد إلا عليه ذلك اليوم وعلى نبي الله يوشع بن نون”