المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 2″

الدكروري يكتب عن المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع المرأة في زمن الجاهلية والإسلام، فرب امرأة صالحة كالنساء السابقات خير من ألف رجل، وكما أن الإسلام يكرم المرأة ويخاطبها على أنها كائن مستقل عن الرجال وليس ملحقا له، وأن الدخول في دين الله عمل عيني لا تصح فيه الوكالة، فالمرأة مكلفة تكليفا عينيا كما الرجل تماما، وهذا دليل على تكريمها واستقلاليتها، وأنها مخاطبة بدين الله تعالي كما الرجل، ولقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، فكان تكريم الإسلام للمرأة في جميع مراحلها العمرية منذ ولادتها طفلة حتى شيخوختها، فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.

وإذا كبرت فهي معززة مكرمة، يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة، وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ، فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها، وإذا كانت أما كان برها مقرونا بحق الله تعالى وعقوقها والإساءة إليها مقرونا بالشرك بالله، والفساد في الأرض، وإذا كانت أختا فهي التي أمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها، وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة، وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسفه لها رأي، وإذا كانت بعيدة عن الإنسان.

لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك، وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتبارا لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة، وإن من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، هو أن العلماء نصوا على أن من ضرب جاريته وهي ترعى غنما له فأكل الذئب واحدة منها أن كفارة ضربه لها هو عتقها، والدليل على ذلك ما رواه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال “كانت لي جارية ترعى غنما لي في قبل أحد والجوانية، فاطلعتها ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليّ.

قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها أين الله؟ قالت في السماء، قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله، قال أعتقها فإنها مؤمنة” فجعل النبي صلى الله عليه وسلم تكفير ضرب معاوية بن الحكم ت لجاريته أن يعتقها تكفيرا منه عما بدر منه من ضربها، فهل هناك دين يحترم المرأة ويقدر الكرامة كدين الإسلام الذي جعله الله رحمة للعالمين؟ وأيضا فإن التكريم المطلوب ومن الأمور العظيمه للمرأة هو الكلام العذب من زوجها، وهذا أمر جوهري ومهم ، خصوصا أن الكلام بدون مقابل، فبإمكان الإنسان أن يتكلم بما يريد وكيفما يريد دون أن يدفع مقابل ذلك أي شيء، لكن لا يتكلم إلا بخير أما بغير ذلك فالسكوت من ذهب، والصمت خير له، فلا يمنع أن يطلق الزوجان الكلمات العذبة.

والكلمات الجميلة، ولا يعاب الزوجان إذا تغزل أحدهما بالآخر من أجل المودة والمحبة، بل ذلك مطلوب منهما على حد سواء، فإذا رأى الزوج من زوجته أمرا حسنا مدحها على ذلك وأطلق من الكلمات الرقيقة الجميلة الجذابة، وإذا وجدها شاكية بين لها أشد العطف والشفقة والمحبة والوقوف معها، وألان لها الكلام، وعرض عليها أن يعرضها على الطبيبة، ويساعدها على القيام والنهوض، و يقدم لها كل ما كانت تفعله هي معه حال مرضه وحزنه، هكذا هي الحياة تعاون وتكامل وتعاطف وتراحم ومودة ومحبة، وهكذا فإن الكلام بلا مقابل، ولا يحتاج معه الإنسان إلى تعب أو كد، ولا يحتاج معه إلى قيام أو نهوض، بل كلمات تخرج من الفم قد تحصل بها منافع عظيمة، وألفة ومودة، وزيادة في صفاء النفوس.