الدكروري يكتب عن المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع المرأة في زمن الجاهلية والإسلام، فأطلقوا ألسنتكم بأعذب الكلام وأجمله، هكذا تسير سفينة الحياة، ولكن وجد من الناس من هو غليظ جاف لا يعرف من الكلام إلا أعنفه وأقبحه، فلا تراه يتكلم إلا بأحجار كلامية، يقبح ويشتم في كل صغيرة وكبيرة بل وحتى بدون سبب، لأنه جبل على ذلك والعياذ بالله، وكذلك من النساء من تراها دائمة التعكير على زوجها بكلامها النابي وطلباتها الكثيرة، فلا تعرف المجاملة، ولا تعرف الملاطفة، بل لا تنتقي إلا أسوأ الكلام، فكأنها ترمي بشرر كالقصر، ترمي به أينما وقع وكيفما وقع، فذلك غير مهم لديها، وهذا من سوء تقدير الزوجين لبعضهما البعض، وهذا واقع كثير من الناس اليوم حتى كثر الطلاق بسببه وعمت به البلوى.
وطفح به كيل الأولاد، فالوصية مبذولة لكما أيها الزوجان الحبيبان أن تكون المحبة المودة هي السمة الرائدة بينكما، فقد افتتحتما حياتكما بكلمة الله، فلتكن هذه الكلمة دائمة بينكما ما بقيتما على وجه البسيطة، فقوما بحل مشاكل الحياة بالتي هي أحسن دونما تدخل قريب أو بعيد فالمشاهد اليوم هو تطبيق قوله تعالى كما جاء في سورة الأنعام ” وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون” فالغالب على كثير من الناس زيادة المشاكل لا تقليلها، فاحذرا من أولئكم الأشرار، فإنه لا مشكلة إلا ولها حل، فهناك أهل العلم وأهل الفتوى المتخصصون في حل المشاكل الزوجية، فيمكن الرجوع لهم في مثل ذلك، وقبل ذلك وبعده الرجوع إلى الخالق العظيم عز وجل.
فهو أعلم بما يصلح أمركما توجها إليه برغبة صادقة ودعاء مخلص فهو الكفيل ونعما هو أن يديم عليكما نعمة المودة والسعادة، وإن من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، هو قصة السيدة أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها، فقد أجارت رجلين من أحمائها كتب عليهما القتل في عام الفتح، وتحكي القصة أم هانئ فتقول ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب، فسلمت عليه، فقال من هذه؟ فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال مرحبا بأم هانئ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت يا رسول الله، زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلا قد أجرته وهو ابن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قد أجرنا من أجرتي يا أم هانئ”
ومن الحديث السابق يتبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قبل من أم هانئ كلامها وأجار من أجارت ومشى كلامها ولم يخفر ذمتها احتراما منه صلى الله عليه وسلم للمرأة، وتكريما لها، وجعلها من المؤمنين الذين يجير عليهم أدناهم، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الاهتمام بالنساء وحسن التعامل معهن ولين الجانب لهن حتى أنه كان يشرب من نفس المكان الذي تأكل وتشرب منه زوجته رضي الله عنهن جميعا، ويضع رأسه في حجرها، فكل ذلك شفقة ورحمة ورأفة بالنساء، فلذلك أمر الإسلام بأداء حقوقهن على أكمل وجه وبين حقوق الزوجات خاصة على أزواجهن، وحتى لا يقع الظلم والجور بين الزوجين، وحتى لا تبوء الحياة بالفشل بينهما، وحتى لا يتشرد الأطفال إن كان بينهما أطفال.
فينبغي على الزوج أولا وقبل كل شيئ أن يرى مخطوبته قبل أن يعقد عليها، كما قال صلى الله عليه وسلم ” إذا خطب أحدكم امرأة، فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها ، فليفعل ” رواه أحمد وأبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم ” انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ” رواه الترمذي وابن ماجة، وذكر بن حجر رحمه الله تعالى في الفتح ” قال الجمهور لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة ، قالوا ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها، وقال الجمهور أيضا يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها ” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال ” كنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها ” ويجب أن يكون النظر إلى المخطوبة بلا خلوة، لأن الخلوة بالأجنبية حرام.