الدكرورى يكتب عن عمرو بن أمية الضمري الكناني “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع عمرو بن أمية الضمري الكناني، وأما عن عمرو بن أميه فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم، عمرو بن أميّة ومعه سلمة بن أسلم بن حريش الأنصاري سرية إلى مكة إلى أبي سفيان بن حرب بن أمية فعلم بمكانهما فطُلبا فتواريا، وظفر عمرو بن أميّة في تواريه ذلك في الغار بناحية مكة بعبيد الله بن مالك بن عبيد الله التيمي القرشي فقتله، وقد عمد إلى خبيب بن عدي الأوسي الأنصاري وكانت قريش صلبته فأنزله عن خشبته، وقتل رجلا من المشركين من بني الديل بن بكر، وهم إخوة قومه بني ضمرة بن بكر، وقيل عنه رضى الله عنه، أنه كان أعور طويلا، ثم قدم المدينة فسُرّ صلى الله عليه وسلم، بقدومه ودعا له بخير.
وكان سبب السرية أن أبا سفيان بن حرب، قد قال لنفر من قريش ألا أحد يغتال لنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يمشي في الأسواق وحده، فأتاه رجل من الأعراب وقال قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشدهم بطشا وأسرعهم عدوا، فإذا أنت فديتني خرجت إليه حتى أغتاله فإن معي خنجرا كجناح النسر، وإني عارف بالطريق، فقال له أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال له اطو أمرك، وخرج ليلا إلى أن قدم المدينة، ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل عليه، وكان في مسجد بني عبد الأشهل، ومسجد بني عبد الأشهل هو من الأوس، ويقال له مسجد واقم وهو يقع في المدينة المنورة، وهو أحد المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقع مسجد واقم في منازل بني عبد الأشهل التي شملت مافي شرقي حَرة واقم وامتدت إلى سند حرة واقم إلى الجنوب والجنوب الشرقي حتى منخفض الحَرَة بما في ذلك منطقة العُريض إلى جوار بني حارثة، وامتدت في الحرة جنوبا وجنوب شرق منطقة العُريض وفي اتجاه الغرب وحتى شمال منازل بني ظفر في الحرة، فعقل راحلته وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال إن هذا يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد، فجاء ليجني على النبي صلى الله عليه وسلم، فجذبه أسيد بن حضير بداخلة إزاره فإذا بالخنجر فأخذ أسيد يخنقه خنقا شديدا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، أصدقني، قال وأنا آمن، قال نعم، فأخبره بأمره.
فخلى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وقال يا رسول الله ما كنت أخاف الرجال ، فلما رأيتك ذهب عقلي وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به، فعلمت أنك على الحق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، وأما عن أسيد بن حُضير الأوسي، فهو صحابي جليل وكان زعيما للأوس في المدينة قبل إسلامه، وقد ورث عن أبيه مكانته، حيث كان واحدا من كبار أشراف العرب في الجاهلية ومن مقاتليهم الأشداء وقد ورث المكارم كابرا عن كابر وكان صاحب فكر صاف وشخصية مستقيمة قوية وناصعة ورأي ثاقب وهو سبب نزول آية التيمم، وقد كان صلى الله عليه وسلم، قد أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة.
ليعلم ويفقه المسلمين من الأنصار وليدعو غيرهم إلى دين الله، وعلم سعد بن معاذ وكان صديقا لأسيد، فأراد أن يحرضه على مصعب، فقال انطلق إلى هذا الرجل فازجره، فحمل أسيد حربته، وذهب إلى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة وهو من زعماء المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام، وعند مجلس مصعب وأسعد بن زرارة رأى أسيد جمهرة من الناس تصغي في اهتمام للكلمات الرشيدة التي يدعوهم بها مصعب إلى الله، وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته، فقال له مصعب هل لك في أن تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فقال أسيد هات ما عندك، وراح مصعب يقرأ من القرآن الكريم “حم، والكتاب المبين، إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ” من سورة الزخرف.