الملكة بلقيس بنت شراحيل ” جزء 8″ 

الدكرورى يكتب عن الملكة بلقيس بنت شراحيل ” جزء 8″ 

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

الملكة بلقيس بنت شراحيل ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع الملكة بلقيس بنت شراحيل، فطنت بلقيس إلى أنها عازفة عن الرجال، وراغبة في البقاء عندها ولم تكن بلقيس لتقصر معها، ومن أمارات فطنتها أيضا أنه لما ألقي عليها كتاب نبي الله سليمان عليه السلام علمت من ألفاظه أنه ليس ملكا كسائر الملوك، وأنه لا بد وأن يكون رسول كريم وله شأن عظيم لذلك خالفت وزراءها الرأي عندما أشاروا عليها باللجوء إلى القوة، وارتأت بأن ترسل إلى نبي الله سليمان بهدية، وكان المراد من وراء هذه الهدية ليس فقط لتغري وتلهي نبي الله سليمان عليه السلام بها، وإنما لتعرف أتغير الهدية رأيه وتخدعه؟ ولتتفقد أحواله وتعرف عن سلطانه وملكه وجنوده، ومن علامة ذكائها أيضا أن نبي الله سليمان عليه السلام عندما قال لها متسائلا “أهكذا عرشك؟

قالت كأنه هو” ولم تؤكد أنه هو لعلمها أنها خلفت عرشها وراءها في سبأ ولم تعلم أن لأحد هذه القدرة العجيبة على جلبه من مملكتها إلى الشام، كما أنها لم تنفي أن يكون هو لأنه يشبه عرشها لولا التغيير والتنكير الذي كان فيه، وإنها كثيرة هي القصص المذكورة في القرآن الكريم عن أقوام لم يؤمنوا برسل الله وظلوا على كفرهم على الرغم مما جاءهم من العلم، إلا أن بلقيس وقومها آمنوا بنبي الله سليمان عليه السلام ولم يتمادوا في الكفر بعدما علموا أن رسالته هي الحق وأن ما كانوا يعبدون من دون الله كان باطلا، واعترفت بلقيس بأنها كانت ظالمة لنفسها بعبادتها لغير الله “قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين” ويقول الله تعالى على لسان هدهد نبي الله سليمان عليه السلام كما جاء في سورة النمل.

” وجئتك من سبأ بنبإ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم” ويقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية المرأة هي بلقيس بنت شراحيل، ثم قال ويُروى أن أحد أبويها كان من الجن، وقال ابن العربي وهذا أمر تنكره المُلحدة ويقولون الجن لا يأكلون ولا يلدون، كذبوا، فذلك صحيح ونكاحهم جائز عقلا، وذكر القرطبي حديث مسلم في أنهم يأكلون، عندما قدم وفد من الجن على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال “لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع أيديكم أوفر ما يكون لحما” كما جاء في البخاري أن العظم من طعام الجن، كما قال القرطبي إن نكاحهم مذكور عند تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء “وشاركهم في الأموال والأولاد” وقال القرطبي، وكانت أم بلقيس من الجن يقال لها بلعمة بنت سيصان.

وذكر نسبها إلى سام بن نوح، وأن أباها واسمه السرح تكبّر على الملوك، ولم يتزوج منهم فزوّجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن، فولدت له بلقمة وهي بلقيس، وذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان أحد أبوي بلقيس جنيا، وهو حديث منكر، ولما مات أبوها تملك رجل فاجر فتزوجته بلقيس وقتلته وهو سكران فنصّبوها ملكة عليهم، وذكر كلاما آخر يؤكد أن أباها تزوج جنية ولدتها، ثم قال إن الماوردي قال والقول بأن أم بلقيس جنيّة مستنكَر من العقول لتباين الجنسين واختلاف الطبيعتين، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف، وقال القرطبي إن التزاوج لا يحيله العقل مع ما جاء في الخبر وأشار إلى أدلة ذلك من أرادها فليراجعه، تلقت الملكة بلقيس كتاب سليمان عليه السلام.

بعد أن ألقاه الهدهد إليها، على الفور عقدت اجتماعا لمجلس الشورى، أبلغت كبار مستشاريها أنها تلقت كتابا من سليمان، وقرأته عليهم، والقرآن الكريم أبرز حديث بلقيس إليهم في قوله تعالى ” قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليا وأتوني مسلمين” وهنا حدث اجتماع مجلس شورى للملمة بلقيس ولم يتوقف عند هذا الحد، فقد طلبت الملكة مشورتهم كعادتها قبل أن تصدر قراراتها، فقالت كما جاء في كتاب الله ” قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتي تشهدون” وهنا أبلغ القادة ملكتهم بلقيس أنهم أصحاب قوة وبأس شديد، وأنهم قادرون على الدفاع عن مملكتهم، ومستعدون لتنفيذ أوامرها في أي وقت ” قالوا نحن أولوا قوة واولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ما تأمرين”