الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك “جزء 2”
ونكمل الجزء الثاني مع الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وبعد أن أصبحت الرملة أحد المراكز المهمة للجيوش المسلمة الفاتحة والمتجهة إلى مصر، وقد أعيد بناء المسجد مرة أخرى في عهد المماليك، ولم يبق اليوم من المسجد سوى المئذنة الكبيرة، لذا تطلق عليه سلطات الإحتلال الإسرائيلية اسم البرج الأبيض، بدل المسجد الأبيض، وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين كانت لهم مناسبة دينية منذ مئات السنين في هذا المسجد كانوا يطلقون عليها موسم النبي صالح، والذين يعتقودن بوجود مقامه في الجزء الشمالي من المسجد، وكان بعد وفاة الخليفه الوليد بن عبد الملك، تولى أخوه سليمان الخلافة، وأقال عمال وولاة الوليد، وجميع الموالين للحجاج بن يوسف، وعيّن يزيد بن المهلب، واتخذ عمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة مستشارين له، وأطلق الأسرى وأخلى السجون.
وكان أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، هو ثامن الخلفاء الأمويين، وهو عمر الثاني، وقد ولد سنة واحد وستين من الهجره، في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم، وفي سنة سبعة وثمانين من الهجره، ولاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة واحد وتسعين من الهجره، فصار واليا على الحجاز كلها، ثم تم عزله عنها وانتقل إلى دمشق، فلما تولى الخلافة سليمان بن عبد الملك قرّبه وجعله وزيرا ومستشارا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة تسعة وتسعين من الهجره، تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة.
وكان قتيبة بن مسلم مواليا للحجاج ناقما على ابن المهلب، فتمرد على سليمان في بداية عهده، فقتل، وكذلك مات محمد بن القاسم الثقفي ابن عم الحجاج في ظروف غامضة، وكان محمد بن القاسم الثقفي، هو قائد أحد جيوش الفتح ومشهور بكونه فاتح بلاد السند، وكان والده القاسم الثقفي واليا على البصرة، وهو ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي، وعلى الرغم من توقف الفتوحات جزئيا في عهد سليمان، بسبب مقاومة التمردات، إلا أنه في عهده غزا المسلمون طبرستان على ساحل بحر قزوين الجنوبي سنة سبعه وتسعين من الهجره، ففتحت جرجان وطبرستان ودهستان من أرض الصين على يد يزيد بن المهلب، وطبرستان، هو إقليم عرفه العرب والفرس والترك باسمه منذ القرون القديمة.
وهو يقع في شمال دولة إيران وفي جنوب غرب دولة تركمانستان اليوم ويمتد في معظمه على الساحل الجنوبي لبحر قزوين عبر سلسلة جبال ضخمة أعطته هيبة عند قدماء العرب كما يصفه ياقوت الحموي في معجم البلدان، وتسمى هذه السلسلة الآن سلسلة جبال ألبروز وهي تمتد عبر أقاليم مازندران وكلستان وشمال سمنان، وكان يسمي الفرس حاكم إقليم طبرستان بالأصبهبذ، وأما جرجان أو كركان، وكانت قديما تسمى أستراباذ أو أستراباد، وهى إحدى المدن الشهيرة في إيران، وتقع في شمالي إيران حاليا وكانت جرجان مركز منطقة استرآباد، وقد ذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء ان المسلمين سيطروا على هذه المدينة في زمن الخليفه سليمان بن عبد الملك.
وقد غزا ابنه داود بن سليمان بن عبد الملك، الصائفة ففتح حصن اسمه المرأة، وغزا مسلمة بن عبد الملك ففتح حصن ابن عوف، وحصن الحديد، وبرجمة، وكان مسلمه بن عبد الملك هو أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأُموي القرشي، وهو أمير أُموي، وقائد عسكري، ووالي، وسياسي ورجل دولة، وقد برز اسمه بخوضه الكثير من المعارك والغزوات والحملات العسكرية على كُل من الإمبراطورية الرومية البيزنطية وإمبراطورية الخزر والخوارج والجراجمة، وكانت جل حروبه وأغلبها على الدولة الرومية البيزنطية، وخلال فترات متفرقة من حياته تولى العديد من المناطق والمدن، مثل مكة، وحلب، والعراق، وخراسان، وتولى إمارة أرمينية وأذربيجان وهى منطقة جنوب القوقاز، ثلاث مرات بأوقات مختلفة.