الدكرورى يكتب عن عوف بن عفراء ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع عوف
بن عفراء، وأما عن أبو جهل فهو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي الكناني وكان سيدا من سادات بني قريش من قبيلة كنانة وكان من أشد المعادين للنبي صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو الحكم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم، كناه بأبي جهل، وكان ذلك لقتله امرأة عجوزا طعنا بالحرباء من قبلها حتى الموت، بسبب جهرها بالإسلام، وهي سمية بنت خياط، أم الصحابى عمار بن ياسر، وكان أبوه هو هشام بن المغيرة وهو سيد بني مخزوم من كنانة، وكان في حرب الفجار ضد قبائل قيس عيلان، وأما عن عبد الله بن مسعود، فهو الصحابى أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهُذلي، وهو حليف بني زهرة وكان صحابي وفقيه ومقرئ ومحدث، وهو أحد رواة الحديث النبوي الشريف.
وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب نعلي النبي صلى الله عليه وسلم، وسواكه، وهو واحد ممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وممن أدركوا القبلتين، وهو أول من جهر بقراءة القرآن الكريم في مكة، وقد تولى قضاء الكوفة وبيت مالها في خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وصدر من خلافة عثمان بن عفان، وأما عن عوف بن الحارث، فهو الصحابي الجليل عوف بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم الأنصارى النجارى والمشهور أيضا بعوف بن عفراء، وهو أخو معاذ ومعوذ رضى الله عنهما، وكانت أمهم هى عفراء بنت عبيد بن ثعلبة، وهى من بني مالك بن النجار، وعفراء بنت عبيد بن ثعلبة، كنيتها أم معاذ، وقد جاهدت وصبرت وعُرفت بأم الشهداء، وقد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة.
وأخلصت لله في القول والعمل، فأصبحت رمزا للتضحية، كانت ممن يدخرون للدار الآخرة كل ما ملكوه وما عملوه وما كانوا سببا في نتاجه أو إنجابه ابتغاء مرضاة الله، فقد تزوجت الحارث بن رفاعة فأنجبت له معاذ، ومعوّذ، وعوف، ثم تزوجت البُكير الليثي فولدت له إياسا، وعاقل، وخالد، وعامر، وقد بايعوا جميعا النبي صلى الله عليه وسلم في بيعتي العقبة الأولى والثانية، وكان لها عقل راجح وحكمة وبطولة نادرة، فهى صاحبة مدرسة العطاء والبذل لنصرة الإسلام، وقد تخرج فيها أبناؤها الذين وهبتهم للجهاد في سبيل الله، فغرست فيهم حب التضحية والإقدام، وأخذت ترفع معنوياتهم وتحضهم على البذل، حتى أصبحوا أصحاب همة عالية، وعزيمة قوية، وضربوا أروع الأمثال في البطولة، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وقد زهدت الدنيا، وآمنت بالله فزادها هدى وآتاها تقواها، فجعلت الآخرة مبلغ همها ومنتهى بغيتها، وأيقنت أن الطريق إلى الجنة يحتاج إلى التضحية بالغالي والنفيس، فبذلت كل ما تملك من مال وجهد وأولاد، لرفع راية الإسلام، فصدقت مع الله عندما دفعت بأبنائها إلى ساحات القتال، وانطلقت معهم وأسهمت في صد صناديد قريش، وشهدوا جميعا غزوة بدر، وأخذت تجاهد مع أبنائها حتى استشهد معاذ ومعوذ وعاقل ببدر، بعد أن قَتل اثنان منهم أبا جهل، واستشهد خالد يوم الرجيع، وعامر يوم بئر معونة، وإياس يوم اليمامة، ومضى سائر أولادها يجاهدون في سبيل الله حتى نال كل منهم الشهادة، ولم تجزع، فصبرت واحتسبت وتحلت بالرضا بقضاء الله والتسليم لأمره وفيض إيمانها به، وقال عبد الرحمن بن عوف.
إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار، حديثة سنهما، فتمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما وقال يا عم، هل تعرف أبا جهل بن هشام؟ قلت نعم، وما حاجتك إليه؟ قال بلغني أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، وغمزني الآخر، وقال لي مثل ما قال الأول، فرأيت أبا جهل، فدللت الغلامين عليه، فسارعا إليه وابتدراه بسيفيهما فضرباه فصرعاه، ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبراه بما فعلا، فقال لهما أيكما قتله؟ فقال كل منهما أنا قتلته، فهدأ النبي صلى الله عليه وسلم، من روعهما، وقال لهما هل مسحتما سيفيكما؟ قالا لا، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى السيفين، ثم قال كلاكما قتله.
وقد شهد عوف بن الحارث بيعتي العقبة الصغرى والكبرى، وشهد بدرا هو وأخواه معاذ ومعوذ رضي الله عنهم، وروي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقيل أخوه معاذ رضي الله عنه، يا رسول الله، ما يُضحك الرب من عبده؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” غمسه يده فى العدو حاسرا” فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه، فقاتل حتى استشهد، فرضي الله عنه، وكان محمد بن إسحاق يزيد فيهم واحدا فيجعلهم أربعة إخوة شهدوا بدرا ويضمّ إليهم رفاعة بن الحارث بن رفاعة، وقيل أن عوذ ومعوّذ ابنا عفراء هما ضربا يوم بدر أبا جهل فأثبتاه، فوقع صريعا، وعطف عليهما أبو جهل فقتلهما، وقيل بل قاتل يومئذ حتى قتل، وأَجهز على أبي جهل عبد الله بن مسعود.