إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ” جزء 1″

ومع الخلافة الأموية والخلفاء الأمويين ومع الخليفة الأموي الثالث عشر إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، وقد قيل عنه أنه كان أبيض جميلا وسيما طويلا يميل إلى السمنة، وكانت أمه هى جارية أو أمة بربرية، وقد بويع له بالخلافة بعد وفاة أخيه يزيد بن الوليد بعهد منه، وكان ذلك في نهاية شهر ذي الحجة سنة مائه وسته وعشرين من الهجره، ولكنه لم يتم له الأمر، فقد كان الناس كما يقول الطبري كان جماعة من الناس يسلمون عليه بالخلافة، وجماعة بالإمارة، وجماعة لا يسلمون عليه بالخلافة ولا بالإمارة، وقد تولى الخلافة بعهد من أخيه يزيد الثالث، ولم يدم حكمه طويلا إذ لم يبايعه إلا أهل دمشق، وخالفه ولم يعترف به مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، فقد عده مسؤولا هو وأخوه يزيد الثالث.

عن مقتل الخليفة الحادي عشر الوليد الثاني بن يزيد الثاني وكانت هذه مناورة منه لاستلام الخلافة، وكان أول من رفض بيعته أهل حمص، فأرسل إليهم ابن عمه عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ليأخذ له البيعة منهم بالقوة فحاصرهم، وبينما هو على حصارهم وهم يرفضون البيعة، قَدم مروان بن محمد، فلما علم عبد العزيز بن الحجاج بمقدمه ترك حمص، فدخلها مروان، وبايعه أهلها، وساروا معه قاصدين دمشق، فلقيهم جيش إبراهيم بن الوليد على رأسه سليمان بن هشام في مائة وعشرين ألفا، فالتقى بهم مروان في ثمانين ألفا، ودارت بينهما معركة في مكان يسمى عين الحر بين دمشق وبعلبك، فانهزم جيش سليمان وتم قتل من جنده حوالي سبعة عشر ألفا وتم أسر مثلهم.

فعاد منهزما إلى دمشق، والتقى بإبراهيم بن الوليد وعبد العزيز بن الحجاج واتفقوا على قتل ولدي الوليد بن يزيد وهم الحكم وعثمان ابنى الوليد بن يزيد، وذلك قبل وصول مروان، وقالوا إن بقي ولدا الوليد حتى يخرجهما مروان، ويعيد الأمر إليهما لن يستبقيا أحدا من قتلة أبيهما، والرأي قتلهما، فقتلوهما ثم هرب إبراهيم بن الوليد وأنصاره، ودخل مروان دمشق وأخرج يزيد بن خالد وأبا محمد السفياني من السجن، وجاءوا إليه بابني الوليد بن يزيد مقتولين، فشهد أبو محمد السفياني لمروان بأنهما جعلا له الخلافة بعدهما وبايعه الناس، وكان ذلك في شهر ربيع الآخر سنة مائه وسبعه وعشرين من الهجره، فكانت مدة خلافة إبراهيم بن الوليد ما يقرب من أربعة أشهر.

وتسلم مروان بن محمد الخلافة ليصارع أحداثا أقوى منه، ويواجه دنيا مُدبرة ودولة ممزقة، قدر له أن يكتب الفصل الأخير من حياتها، وقد أتى حكم إبراهيم بن الوليد في فترة اضطراب الدولة بعد أن كانت في أوج ازدهارها وقوتها، أمر بقتل اثنين من أبناء الخليفة الوليد الثاني خوفا على حكمه، ولبث في الخلافة سبعين يوما، وانتهى حكمه عندما تولى مروان بن محمد امر دمشق وسيطر على الدولة وتنازل له إبراهيم عن الخلافة، واختفى إبراهيم، ثم ظهر بعد أن أمنه مروان، وتم قتلة مع من قتل من بني أمية حين سقطت دولتهم على يد العباسيين، وقيل غرق في نهر الزاب، وكان ذلك سنة مائه واثنين وثلاثين من الهجره.

وقد قال برد بن سنان، حضرت يزيد بن الوليد لما احتضر، فأتاه قطن، فقال أنا رسول من وراءك، يسألونك بحق الله أن تولي الأمر أخاك إبراهيم، فغضب، وقال بيده على جبهته أنا أولي إبراهيم، ثم قال لي يا أبا العلاء إلى من ترى أن أعهد؟ قلت أمر نهيتك عن الدخول فيه، فلا أشير عليك في آخره، قال وأغمي عليه حتى حسبته قد مات، فقعد قطن، فافتعل كتابا على لسان يزيد بالعهد إلى إبراهيم، ودعا ناسا، فاستشهدهم عليه، ولا والله ما عهد يزيد شيئا، وقد قال أبو معشر، مكث إبراهيم بن الوليد سبعين ليلة، ثم خلع، وقام بتوليتها مروان، وقيل أنه عاش إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة مسجونا، وكان شجاعا، وأمه هي جارية بربرية ولم يستقم له أمر الخلافة، فكان جماعة يسلمون عليه بالخلافة وطائفة بالإمارة.