أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 1”

إن قصة أبو البشر آدم عليه السلام قد ذكرت في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، وتعد قصته عليه السلام من أعظم القصص التي اتفق عليها جميع الرسل الكرام، ووردت كذلك في الكتب السماوية المقدسة، كما ورد ذكره مع بدء الخلق في الديانة الإبراهيمية حيث كان آدم عليه السلام هو أول إنسان علي وجه الأرض، وإن هناك من يقول بأن آدم عليه السلام قد سبقه أكثر من آدم، وليس هو أول إنسان على الأرض، وذلك مستندا إلى العثور على عظام بشرية تم تقدير تاريخها بأكثر من مليون سنة، ولكن قيل بأن هذا خطأ فادح فنص الآيات القرآنية صريح وواضح بأن آدم عليه السلام هو أول البشر الذين خلقهم الله تعالى، وخلق له زوجته في الجنة، ومنهما كان نسل الإنسان، ولا توجد إشارات من قريب أو من بعيد لوجود إنسان قبل آدم، وهو حديث عهد بالأرض.

إذا قيس بغيره من المخلوقات، أما التقديرات الجيولوجية لعمر الإنسان فهي ليست حجة، وهي تقريبية، وقد تحدث هزات أرضية فتنقل العظام إلى طبقات من الصخور قديمة لذلك لا يقاس عمر العظام بعمر الطبقات المتشكلة التي تضم العظام، ولو تتبعنا الآثار التي خلفها الإنسان لدلت على زمن وجوده الحقيقي فالباحثون وجدوا أن الآثار المصرية هي أقدم شيء خلفه الإنسان، فالإنسان منذ النشأة الأولى ترك شواهد وبصمات تدل على وجوده أينما حل وأينما ارتحل، وهو منذ أن درج على الأرض إنسان ناطق متعلم، وإن آدم إضافة إلى أنه أبو البشر فهو أيضا أول الأنبياء، فكان متعلما ناطقا، له لغته التي يتخاطب بها، عليم بالأسماء ومسمياتها، ومن يظن أن الإنسان الأول على الأرض هو إنسان الكهوف الذي عاش كالحيوان ولم يعرف الحياة المدنية.

أو لم يعرف النار والصناعات المناسبة له، فقد أخطأ كثيرا، أما سكان الكهوف الذين لم يعرفوا اللغة والتخاطب بها، والذين عاشوا كالحيوانات يأكلون النيء من اللحم فهم من الذين شذوا فيما بعد عن المجموعة الإنسانية وتفرقوا في الأرض، فأثر فيهم بعدهم بفقدهم مقومات العيش الكريم، ونسيان ما كان أسلافهم عليه، فعاشوا عيشة الحيوانات، فعن أبي موسي ألأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك” رواه أبو داود والترمذي، وأبو البشر آدم عليه السلام، خلقه الله عز وجل بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة.

ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله عز وجل إلى الأرض، ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لما صور الله آدم عليه السلام في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ماهو، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك” رواه مسلم، وأخبر الله سبحانه وتعالى، ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض، فقالت الملائكة ” أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا” رواه البخارى.

وبعد أن خلق الله عز وجل هذا الجسد بهذه الصورة، وسواه نفخ فيه الروح، وما يوجد في القرآن الكريم من أن آدم عليه السلام خُلق من تراب، أو من صلصال، أو من طين، فإنما هي مراحل في خلقه، وتذكر كل مرحلة في مكانها المناسب في كتاب الله تعالى، وأما ترتيب مراحل خلق الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام فإنها بدأت بالتواب، ثم أضيف إليه الماء فصار طينا، ثم صار هذا الطين حمأ مسنونا، أي أسود متغير، فلما يبس هذا الطين من غير أن تمسه النار، صار صلصالا، والصلصال هو الطين اليابس لم تمسه نار، ثم نفخ الله سبحانه وتعالى، في مادة الخلق هذه من روحه، فصار هذا المخلوق بشرا، وهو آدم عليه السلام، ويوحي قول الملائكة على الله عز وجل هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض أو إلهام وبصيرة.