نبي الله يحيى عليه السلام “جزء 2”

الدكروري يكتب عن نبي الله يحيى عليه السلام “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله يحيى عليه السلام “جزء 2”

ونكمل الجزء الثاني مع نبي الله يحيى عليه السلام، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قال “أعطي الفهم والعبادة، وهو ابن سبع سنين، وهو العلم النافع مع العمل به، وذلك عن طريق حفظ التوراة، وفهمها، وتطبيق أحكامها” ومن الصفات التي منحها الله سبحانه وتعالى، نبيه يحيى عليه السلام صفة الرحمة، حيث جعل في قلبه رحمة يعطف بها على غيره، ومنحه أيضا طهارة في النفس، أبعدته عن ارتكاب ما نهى الله عنه، وجعلته سباقا لفعل الخير، فكان مطيعا لله في كل ما أمره به، وتاركا لكل ما نهاه عنه، وجعله كثير البر بوالديه، والإحسان إليهما، وفوق ذلك، لم يكن مستكبرا متعاليا مغرورا، ولم يكن صاحب معصية ومخالفة لأمر ربه، وعندما كان يقف في الناس خطيبا كان يتأثر لشدة ايمانه بالله تعالي.

أيما تأثر حتي يبكي ويبكي معه كل الناس الذين يستمعون إليه، وكان موقفه من الحكام ومن اولئك الذين يعبثون بشئون الدين بالباطل موقفا متشددا كما فعل مع هيرودوس حاكم فلطسين عندما سمع انه احب ابنه اخية هيروديا وعزم علي الزواج منها بعد ان وافقت هي علي هذا الزواج وجميع اقاربها معها، اذ استنكر النبي يحيي هذا الزواج استنكارا شديدا واعلن ان زواج هيروديا من عمها هيرودوس باطل ومحرم وهو يخالف الشريعة ولا يرضى به إلا كل زنديق فاجر، اذ لا يجوز في شرع الله ان يتزوج العم من ابنة اخيه، وشاع خبر استنكار يحيي عليه السلام لذلك الزواج المحرم ووصل نبوه الي رجال الدين وخدام الهيكل بل وراحت الناس في الاسواق والنوادي وفي الساحات والقصور تتداول رأي النبي يحيي عليه السلام حتي تناهي الي مسامع هيروديا.

فحزنت وغضبت وحقدت عليه لأنها كانت تعرف مكانته بين الناس ومدي تأثيره عليهم ولكنها لشدة دهائها سيطرت علي غضبها وصممت علي ان تنتقم من يحيي عليه السلام، فراحت تكيد له في الخفاء وكان أول شئ قامت به ان ذهبت الي عمها الحاكم وهي في ابهي حلة واجمل زينة ودخلت عليه بغنج ودلال وهي علي حالها من الجمال الفاتن والمظهر الخلاب وما إن رآها هيرودوس حتي هب من مجلسه يستقبلها وقد فتن بمرآها ثم ركع علي ركبتيه امامها يقبل يديها ويتغن بجمالها وبحسنها ثم يقول لها هلمي الي العرش فاجلسي بجانبي حتي انعم برؤيتك انا خادمك الامين فامري ما شئت ولن اخالف لك امرا مهما كان، وكان نبى الله يحيى عليه السلام، يدعو بني إسرائيل إلى عبادة الله تعالى وحده بالحكمة والموعظة الحسنة وفقا لما جاءت به شريعة التوراة.

 

 

 

 

وجمع يحيى عليه السلام بني إسرائيل في بيت المقدس حتى ملؤوا المكان، فحمد الله وأثنى عليه ثم أخبرهم أن الله علمه خمسة أمور عليه أن يعمل بها وأن يأمرهم بأن يعملوا بها، وهي عبادة الله دون أن يشركوا به أحدا، وإقامة الصلاة، والتصدق، وذكر الله سبحانه كثيرا، فالعبد أبعد ما يكون عن الشيطان عند ذكر الله سبحانه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فكأنه أبطأ بهن، فأتاه عيسى فقال إن الله أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تخبرهم وأما أن أخبرهم، فقال يا أخي لا تفعل فإني أخاف إن سبقتني بهن أن يخسف بي أو أعذب، قال فجمع بني إسرائيل ببيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقعدوا على الشرفات.

ثم خطبهم فقال إن الله أوحى إلي بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن أولاهن لا تشركوا بالله شيئا فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ثم أسكنه دارا فقال اعمل وارفع إلي، فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك، فإن الله خلقكم ورقكم فلا تشركوا به شيئا، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت، وأمركم بالصيام ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة مسك كلهم يحب أن يجد ريحها وإن الصيام أطيب عند الله من ريح المسك، وأمركم بالصدقة ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه وقربوه ليضربوا عنقه فجعل يقول هل لكم أن أفدي نفسي منكم؟ وجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه، وأمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره حتى أتى حصنا فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله” رواه الترمذي.