الجزء الخامس مع إبن السوداء عبد الله بن سبأ

الدكرورى يكتب عن إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع إبن

السوداء عبد الله بن سبأ، وأول

إشارة لابن سبأ عنده تعود إلى

أيام علي بن أبي طالب رضي

الله عنه إذ يذكر أنه بعد موقعة النهروان جاءه عبد الله بن سبأ ومعه حجر الكندي وعمرو بن الحمق الخزاعي، وحية بن جوين البجلي، ثم العرني، وسألوه عن رأيه في أبى بكر وعمر، فغضب منهم وقال أو قد تفرغتم لهذا؟ ويشير أبو مخنف إلى السبئية بصورة مقتضبة بعد استشهاد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويفهم منه أنها الفئة التي توالي عليا، ووصف زياد بن أبيه وحجر بن عدي الكندي وأصحابه بأنهم السبئية الجانية، وبأنهم الترابية السبئية، وذكر أبو مخنف أن شبت بن ربعي الرياحي تهكم على أصحاب المختار، ووصفهم بأنهم سبئية.

ووصفت أشراف الكوفة المختار واتباعه بأنهم سبئية أثناء إحتجاجهم على المختار الثقفي قبل موقعة جبانة السبع التي انتصر فيها المختار سنة سته وستين للهجرة، حيث قالوا أظهر وسبئيته البراءة من أسلافها الصالحين، وكما وصف الخوارج أصحاب الإمام علي كرم الله وجهه، بأنهم سبئية، وكل هذه الروايات الواردة تفيد أن عبد الله بن سبأ وأتباعه، كانوا من عالم الحقيقة لا عالم الخيال، وقد ذهبت بعض الآراء إلى عبد الله بن سبأ أنه أحكم كيده إحكاما، فنظم في الأمصار جماعات خفية تستتر بالكيد، وتتداعى فيما بينها إلى الفتنة، حتى إذا تهيأت لها الأمور، وثبت على الخليفة، فكان ما كان من الخروج والحصار وقتل الإمام، والمعلومات التاريخية الواردة في نسب ابن سبأ من والده، ضئيلة.

بل إنها غير متجانسة، ثم إن أباه لا يُعرف عنه شيئا لا في المنشأ ولا في الممات، أما أمه، فكانت حبشية، ولذلك لقب بلقب ابن السوداء، وأكثر من ذلك أنه لا معلومات البتة عن فتوته ونشأته، أي فترة ما قبل ظهور وانتشار اسمه، وعبد الله بن سبأ، كما تدل كنيته على ذلك، ينسب إلى سبأ، وقد ورد ذكر هذه المنطقة في القرآن الكريم فقال تعالى ” لقد كان لسبأ في مسكنهم آية” وهي في الغالب مجموعة من القبائل التي استقرت في اليمن حوالي سنة ثمانى مائة قبل الميلاد، ولكن بعض المصادر التاريخية الأخرى تنسبه إلى قبيلة حمير، وأخرى إلى قبيلة همدان، وهناك أيضا من يقول إنه من الحيرة، وآخرون يقولون إنه رومي، وأيّا كان القول، فمعظم المصادر تكاد تجمع على أن عبد الله بن سبأ، يمني.

وقد جاء في تاريخ الطبري أنه كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، ويروى أن ابن سبأ أنه كان يخفي أصله عمدا، إذ سأله والي البصرة في عهد الخليفة عثمان بن عفان عمن يكون، فأجابه بأنه رجل من أهل الكتاب يرغب في الإسلام وفي جواره، دون أن يصرح له باسمه، وأما عن دينه، فكان يهوديا، وبالرغم من أن بعض المستشرقين قالوا إن الاحتمال الغالب أن ابن سبأ ليس كذلك، إذ أن انتسابه إلى قبيلة عربية يمنع من أن يكون يهوديا، إلا أن البعض أكد هذا الاستنتاج لا مبرر له، وكان الدليل في ذلك، أنه ليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهوديا وأن يكون من قبيلة عربية، ثم إن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أغلبيتهم كانوا ذوي أصل عربي.

وقد أسلم ابن سبأ في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ونسبة إلى تاريخ الطبري، فإنه أخذ ينتقل في البلاد المسلمة من قطر لآخر، محاولا ضلالتهم، فابتدأ بالحجاز ثم البصرة فالكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على شيء فيها، حتى أتى مصر واستقر بها وقيل إنه افتتن بعض أهلها، وإن نفس القول يرد عند ابن كثير، إذ يروي أن ابن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على الخليفة عثمان بن عفان، ويرد أيضا عند ابن عساكر، الذي يؤكد أن ابن سبأ ظهر بين المسلمين في عهد عثمان ليلفتهم عن طاعة الأئمة، لكن دون تحديد سنة معينة لهذا الظهور، ويقول ابن كثير إن ظهور ابن سبأ من أسباب تألب الأحزاب على الخليفة عثمان بن عفان، إذ اخترع كلاما يقول مما قال فيه ” محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء”